هناك قناعات خاطئة مصدرها استعلاء بعض العرب على الخليج وأهله، ودافع الاستعلاء إما الحقد أو الجهل، وما كان له الاستمرار إلى الآن لولا إحجام الخليجيين عن الرد من باب مبادلة الإساءة بالإحسان، أو طبيعة المجاملة المؤدية أحيانا إلى إنكار الذات لإعلاء شأن المجامَل. أول المغالطات شطب تاريخ وحضارة وتراث الخليج، فالاستعلائيون يتعمدون مقارنة وطن بدولة، فينظرون إلى بلدانهم كأوطان قامت على أراضيها حضارات ودول، أما البلد الخليجي المقارَن به فينظرون له بمفهوم الدولة التي لم تقم إلا قبل قرن أو أقل، شاطبين بذلك كل حضارة وتاريخ قامت على أرضه قبل تأسيس آخر دولة فيه. والأولى بهؤلاء الاستعلائيين مداراة جهلهم ومداواته بقراءة الحضارات التي قامت في جزيرة العرب، وآثارها التي من أبرزها الدين الذي يوحّدنا واللغة التي تجمعنا. ومن المغالطات نبز مواطني الخليج بوصف الأعراب، والأعراب الذين هم أهل البادية يندر وجودهم حاليا بعدما عمّ التمدن، كما أن وجودهم لم يكن مقصورا على الخليج، فكل دولة عربية فيها هذا المكوّن الاجتماعي. وأخيرا وليس آخرا، الادعاء بتعليم الخليجيين وبناء بلدانهم، وهذا الادعاء صحيح لو كان بالمجان، لكنه كان أداء عمل بمقابل، ومن يجز قوله فليجز أيضا الرد عليه بأن الخليج أطعمه ووقاه الفقر. والصحيح أنها منفعة متبادلة، لا منّة فيها لأحد على أحد، وتقدير أحدهم الآخر يجب ألا يكون جزاؤه الاستعلاء والتهميش.