وإذا كانت النفوس كباراً، فماذا يصيبها؟ هكذا تبادر السؤال إلى ذهني، ويبحث عن إجابة غير التي قالها "المتنبي": "تعبت في مرادها الأجسام". فالحقيقة ليست وحدها التي تعبت، بل هناك تشاركها العقول والأفهام، فقد كان الأسبوع الماضي ثقافياً بامتياز بحسب مقاييسي، وأحسبني قادراً على التمييز بين الجيد والرديء في ثقافة العرب من المحيط إلى الخليج، حيث شاركت في أمسية شعرية عربية في سلطنة عمان، بولاية "الرُّستاق، دار المشتاق" بصحبة الشاعر السوري أحمد ديوب، والشاعرة البحرينية فاطمة محسن، وعدد من شعراء السلطنة، منهم إبراهيم السوطي، ومحمد العبري، وعبدالوهاب السليماني، وخليفة الغافري، ومختار السلامي وغيرهم. سبق أن كتبت عن الصالونات الثقافية منذ إنشائها مروراً بفترة ازدهارها وصولاً إلى العصر الحديث الذي تنوعت فيه الأنشطة والفعاليات ما بين الأمسيات الشعرية والندوات والمحاضرات، ولأن الأدب والثقافة هاجس لا يهدأ له بال، فإن المغرمين بهما لا يتركون فرصة شاردة إلا ويتم استغلالها من أجل المساهمة في إثراء الحراك الأدبي، والمشهد الثقافي، ومنهم مَنْ استغل إيجابيات التقنيات الحديثة منذ أن وصل إلينا الإنترنت، فكان المهتمون بالأدب من أوائل مَنْ أسسوا المنتديات الأدبية والملتقيات، وتطورت الأفكار التقنية، فتطور معها الاهتمام حتى وصلت الوسائط الحديثة إلى التواصل الاجتماعي "تويتر، وفيسبوك، ويوتيوب، وواتسآب"، وأنجز بعضهم ما يمكن إنجازه من خلال المجموعات الأدبية على "واتسآب" في عالم افتراضي قريب من الواقع، ومنهم مَنْ حقق لقاءات على أرض الواقع كما فعلت الدكتورة سعيدة بنت خاطر التي أسست صالونها الثقافي في مجموعة واتسآب، ثم انتقلت به إلى فعاليات ومناشط واقعية، رسمت برامجه الشهرية بحرفية، فجاءت حافلة بالأدب والإبداع موزعة على أيام الملتقى الذي يحمل عنواناً كل شهر، بحيث يكون اليوم الأول للإبداع الشعري، يشارك فيه نخبةٌ من شعراء العالم العربي الذين يستضيفهم الصالون، وعددٌ من شعراء "شباب السلطنة"، ويتم تقديم قراءة أدبية واعية لإحدى الشخصيات العمانية التي لها إسهامات وطنية، كما دأب الصالون على تكريم شخصية الشهر تحت مسمى "ضيف الشرف"، وفي اليوم الأخير يقدم الصالون لمحات سياحية في إحدى الولاياتالعمانية للتعريف بها وبناسها وتراثها. أشكر الدكتورة سعيدة بنت خاطر على استضافتها الشعراء العرب، والشكر لكل مَنْ ساهم في إنجاح نشاط "صالون سعيدة الثقافي" في ولاية "الرُّستاق"، وعلى رأسهم الشيخ عبدالوهاب المنذري الذي أكرم وفادتنا في استراحة البهجة المبهجة حقاً، حيث تعهدها بنفسه، والأستاذ الأنيق محمد النهاري مدير الآداب والفنون في المديرية العامة للتراث والثقافة في ظفار، الذي أكرمنا بحضوره وتفاعله، والشعراء الشباب الطموحين المشاركين في الأمسية، ولا أنسى مقدمة اللقاء الجميلة عزيزة راشد التي أبدعت وأمتعتنا بالسجع الأدبي أثناء تقديمها الشعراء العرب، والإعلامية منى المعشني على اهتمامها بتوثيق الفعاليات، والشكر موصول إلى الشباب والشابات في إدارة الصالون، فقد كان حضورهم لافتاً لضيوف الملتقى، وكل عام والأدب والأدباء بخير.