أكد وزير الخارجية، عادل الجبير، مؤازرة المملكة للشعب السوري إزاء ما يواجهه من إبادةٍ جماعيةٍ يرتكبها نظام بشار الأسد. ووصف الجبير المجازر التي يرتكبها النظام في مدينة حلب (شمال سوريا) بجريمة حربٍ ضد الإنسانية. وأفاد، خلال اجتماعٍ طارئ في جدة لمنظمة التعاون الإسلامي، بترحيب المملكة بصدور قرار مجلس الأمن رقم 2328؛ القاضي بنشر مراقبين دوليين في المدينة للإشراف على عمليات إخلاء المدنيين. وأشار الجبير، في كلمة المملكة، إلى إجرائها مؤخراً عديداً من الاتصالات مع الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة والدول الشقيقة والصديقة؛ تعبيراً عن مواقفها وتأكيداً على أهمية التحرك الفوري لإيقاف آلة القتل. وعقدت اللجنة التنفيذية في «التعاون الإسلامي» اجتماعاً طارئاً، أمس في جدة، على مستوى وزراء الخارجية، بطلبٍ من الكويت لبحث الوضع السوري في ظل التطورات المأساوية في حلب. وشدَّد أمين عام المنظمة، الدكتور يوسف العثيمين، على رفض الدول الأعضاء محاولات تفريغ المدن السورية من أبنائها بغرض فرض واقع سكاني جديد يُحدث تغييراً ديمُوغرافياً (تغيير خصائص السكان). وأكد الأمين العام، في كلمته، ضرورة إرسال مراقبين دوليين إلى سوريا لمتابعة تطبيق وقف الأعمال العدائية وحماية المدنيين في حلب وبقية المناطق التي يحاصرها النظام، لافتاً إلى وجوب السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى حلب وغيرها. ودعا العثيمين المجتمع الدولي إلى اتخاذ التدابير اللازمة لوقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها السوريون وتشريدهم خارج بلادهم. وأشار إلى ضرورة إقرار هدنة فورية ودائمة للأعمال العدائية التي يقوم نظام الأسد بها ضد شعبه. ولفتت كلمة الأمين العام إلى وجوب إيجاد حل سياسي للأزمة عبر استئناف التفاوض في إطار بيان جنيف الأول (يونيو 2012) وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. ونبَّهت الكلمة إلى ضرورة إقرار محاكمة لمرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا من طرف المحكمة الجنائية الدولية. على الصعيد الإنساني؛ دعا العثيمين مجدَّداً الدول الأعضاء في «التعاون الإسلامي» والهيئات الخيرية الإسلامية إلى تكثيف جهودها الإغاثية لتخفيف معاناة السوريين، مثنياً على دعوة الكويت إلى الاجتماع الطارئ، وشاكراً حكومة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، على مساندة هذه المبادرة وما وفرته من تسهيلات للوفود المشاركة. وأدان البيان الختامي للاجتماع استمرار الأسد وحلفائه في تنفيذ عمليات عسكرية إجرامية وتعسفية، بينها استخدام القصف الجوي للمناطق السكنية بالبراميل المتفجرة والمواد الحارقة والأسلحة المحرمة دولياً. ورفض الاجتماع بشكلٍ قاطع كافة السياسات القصرية التي ينتهجها الأسد لتركيع شعبه؛ عبر الحصار والتجويع والترهيب في حلب وبقية المناطق المحاصرة. واعتبر وزراء خارجية دول «التعاون الإسلامي» هذه الأعمال جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات خطيرة للمواثيق والأحكام الخاصة بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. ولفت الوزراء إلى التطورات المأساوية الخطيرة في حلب وريفها جرَّاء العدوان السافر من النظام وحلفائه على المدنيين العزل؛ وما خلَّفه من ضحايا وتدميرٍ للمدينة ومقدّراتها وإرثها الإنساني والحضاري. وجدَّد المجتمعون التزام دولهم بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها السياسية وسلامة أراضيها. ولفت البيان الختامي إلى الموقف الثابت للدول الأعضاء، وهو اعتبار استئناف المفاوضات حلاً وحيداً للأزمة السورية، برعاية الأممالمتحدة ومشاركة ممثلي المعارضة والنظام، ووفقاً لبيان جنيف الأول والقرار الأممي 2254 باعتبارهما مرجعية وحيدة للتفاوض. ورحب البيان باعتماد مجلس الأمن مؤخراً القرار رقم 2328. وطالب القرار بإتاحة وصول آمن وفوري ودون عوائق للمراقبين الدوليين إلى حلب. وشدد على وجوب أن تكون عملية إجلاء المدنيين من المدينة طوعية ونحو الجهة التي يختارونها، مع التشديد على رفض إحداث تغييرات في التركيبة السكانية، وتمكين النازحين واللاجئين من العودة إلى ديارهم حال انتهاء النزاع. ودعا المشاركون في اجتماع جدة إلى الانتهاء الفوري والآمن لعمليات الإجلاء في حلب من خلال ترتيب وقف إطلاق النار القائم. ونبّهوا إلى ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية سريعاً ودون عوائق، مؤكدين أن المسؤولية الأولى تقع على النظام السوري، طبقاً للقانون الدولي الإنساني، في حماية جميع المدنيين بما في ذلك من يختارون البقاء في حلب. في الوقت نفسه؛ رحَّب الاجتماع بإعلان الأممالمتحدة استئناف المفاوضات المباشرة بين النظام والمعارضة في ال 7 من فبراير في جنيف السويسرية، فيما أخذ علماً بالبيان الروسي التركي الإيراني المشترك الصادر قبل أيام في موسكو حول الخطوات المتفق عليها لإحياء العملية السياسية وإنهاء الصراع. وشدد المجتمعون على التزامهم الثابت بحل أي صراعٍ بالطرق السلمية والدبلوماسية وفقاً لميثاق الأممالمتحدة وغيره من الصكوك الدولية. ولفتوا إلى الأهمية الخاصة التي يكتسبها القانون الإنساني، الذي يحمِّل المسؤولية على كافة الأطراف المتحاربة في ضمان الحقوق الأساسية للسكان المدنيين، وفي مقدمتها الحق في الحياة. إلى ذلك؛ جدَّد المجتمعون إدانة منظمة التعاون الإسلامي، ودولها الأعضاء، الإرهاب بكافة أشكاله؛ وتأكيدها العزم على مكافحته واجتثاثه من جذوره. ونبّهوا إلى أهمية التعاون الدولي لمجابهة الإرهاب والتطرف العنيف، خاصةً في سوريا. وأدانوا الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، والجرائم الإرهابية الفظيعة التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية الإجرامية «داعش» و»جبهة النصرة» في سوريا. وجدَّد الاجتماع العزم على مواصلة الحرب ضد «داعش» و»جبهة النصرة». وأكد الموقف الإسلامي المشترك ضد أي تحركات وأجندات أحادية الجانب لأي جماعة تستهدف سلامة أراضي سوريا ووحدتها السياسية، داعياً إلى خروج فوري وغير مشروط لجميع الإرهابيين الأجانب والميليشيات الخارجية من الأراضي السورية. وطلب المجتمعون من أمين عام «التعاون الإسلامي» مواصلة اتصالاته الإقليمية والدولية بشأن سوريا، بما في ذلك مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، للعمل على تنفيذ قرارات المجلس خصوصاً القرارين 2254 و2328 وتبني قرارٍ جديد يقرّ وقف الأعمال العسكرية في كافة الأراضي السورية. إنسانياً؛ حثّ الاجتماع على تقديم مساعدات إنسانية عاجلة إلى النازحين واللاجئين السوريين. وناشد الدول والمؤسسات الدولية المانحة التبرع بسخاء مساندةً للضحايا والأبرياء سواءً في الداخل السوري أو في الدول المستضيفة للاجئين. بدوره؛ دعا وزير الخارجية الكويتي الأمين العام إلى توجيه رسائل إلى المنظمات الإنسانية الدولية لحثِّها على التحرك دعماً للوضع الإنساني في سوريا ولإغاثة المدنيين. وخصَّ الوزير بالذكر منظمة الصحة العالمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومنظمة الهجرة الدولية، ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة «يونيسيف». ورأى الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، في كلمته، أن ما يجري في حلب حالياً ليس إلا حلقة جديدة من المسلسل الدامي الذي يتعرض له الشعب السوري الشقيق، من قتل آلاف المدنيين وتدمير شامل، ما أحال حلب إلى كومة رماد بفعل أعمال القصف الإجرامية غير المسبوقة والبراميل المتفجرة العشوائية. واعتبر الصباح أن مسلسل الإبادة الجماعية المتواصل «يتطلب منّا تضافر الجهود والتحرك الفوري على كافة الأصعدة لوضع حدٍ لهذه المأساة الإنسانية الخطيرة». وطالب بتكليف «التعاون الإسلامي» بإجراء ما يلزم من اتصالات مع مختلف الأطراف المعنيّة، لحثِّها على اتخاذ مواقف من شأنها تحقيق وقف كامل لإطلاق النار، والبدء في عملية سياسية تؤدي إلى حل شامل. وأشار الصباح، في الوقت نفسه، إلى أهمية دعم جهود الإمارات والسعودية وقطر وتركيا، لعقد اجتماعٍ طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة على أساس مبدأ «الاتحاد من أجل السلام»، لتبيان الفظائع الإجرامية التي تُرتَكَب في حلب.