حالة مؤلمة نشرتها «الشرق» لمسنّ بلغ من الكبر والمرض واليأس عتياً، ففرّ إلى الصحراء ليخوض الجولة الأخيرة من معركته مع السرطان، الذي افترس شريكة حياته أيضاً! الفرار، ليس جبناً من الرجل، بل كان شجاعة حدّ الألم، فمن ذا الذي يبرز للموت وحيداً إلا الشجاع؟! ومن ذا الذي يطعم العقبان والنسور ودواب الأرض جثته المنهكة إلا الكريم؟! لم يكن انهزامياً، بل إنه تحايل على الأمل عشر سنوات، ولاحقه في كل مكان مرات ومرات! مرة اتخذ «معايدة» وزير الصحة سبيلاً لتجاوز العقبات البروتوكولية، وأخرى «انتحل» صفة الصحفي ليلقى الوزير في مؤتمره، وفي كل مرة يقابل ب«يصير خير»! كل هذا من أجل أن يجد مكاناً يؤويه، يخفف وطأة المرض، ويجعله يموت بأقل ألم ممكن! عشر سنوات مرّت على أول خطاب «أمر» بعلاجه! عشر سنوات والمسنّ مدفوع بأبواب مسؤولي وزارة الصحة، وحينما تجاوز أحدها طُرد بمعاونة «السيكيورتي»! انتبذ الرجل من الجحود مكاناً قصياً، بعدما اكتشف أنه دخل في معركة غير متكافئة، ومن كان يتأمل منهم المدد تركوه ليواجه مصيره وحيداً! لا أستبعد أن تنفي وزارة الصحة «ادعاءات» الرجل، فلدينا المسؤول دائماً على حق، والمواطن «مدّعٍ»! لكن الرأي العام لن يقبل النفي ما لم يكن مدعماً بإثبات! آمل أن يكون المسنّ «مدّعياً» وحسب، وآمل أن يكون السجن مصيره جزاء ما اقترف من تشويه لسمعة جهاز حكومي، على الأقل السجن أرحم مما هو فيه!