غنى مصطفى سعيد «يا مصر هانت وبانت» على عوده، بصوته الممتلئ حلما وحزنا وحرية، بالأمل والثورة، في ميدان التحرير أواخر يناير العام الماضي، والروح الجديدة المختلفة الشكل والمضمون تتكون «وش عرفك يا فخامتك بالذي كاين» غناء واقعي بسيط كواقعية «العربي الوقح» لغسان شربل – الحياة 25 يوليو – ذات العام، إنها 25 يناير تنشر الضوء والضي للقرن الواحد والعشرين «يا شباب فاكرين»، وتزيل عتمات الخوف والهاجس والريبة التي انتابت الناس ومحبي الغناء اللامستجدي الوهم والسراب «حتى ولو ضربونا بالرصاص الحي». بلغة بسيطة وواضحة «شوف المداين كدا مفروشة خلق وضي» أبدع تميم البرغوثي في هذا النص تماهيا وإحساسا وشعرا، وكان أداء مصطفى الاحترافي يؤكد على مسألة مهمة وأساسية لنجاح أي عمل غنائي، شخصيا لا أستطيع أن أصف هذا النجاح ولكنه لا يرتهن إلى منطق السوق بأي شكل من الأشكال، صدق الأحاسيس المشتركة بين الصوت واللحن والكلام/ الشعر والتجربة لا تفسح مكاناً للتأويل، إنه فعل ناجح وأرواح تلاقت في الجمل والأوتار والشوارع «هادي الحجر والبشر قايمين يا سيد القوم والدين حيترد ياللي عشت مداين»، ودائما سيظل هذا السؤال مفتوحا «وش عرفك يا فخامتك بالذي كاين»، والفخامة هنا أصبحت للسياسي ورجل الأعمال ورجل الدين ولكل مشارك في الإجابة على أسئلة اليوم والغد «مطلعش بالأدوية جربنا ألف طبيب ولا بعطارة شيوخ ليهم بلح وزبيب»، هذه الأغنية جسدت ثورة يناير بكل همومها وأسئلتها وسيناريو أحداثها «يا عسكري أنا أصلي بس بستغرب» جعلتنا نستدعي نماذج سابقة لمصطفى الذي اختزل بهذه الأغنية الشيخ إمام مع نجم كما يقول الكثيرون، وهو قول فيه الكثير من الثناء والإطراء والمبالغة أيضاً، فالتجارب التي أفرزت «إمام» و»نجم» تختلف، كما أن السجن ليس عاملا مشتركا، ولكن احتفاء نجم بالأغنية وصانعيها يؤكد على أن الجذوة الفنية ما زالت متّقدة، تلك التي أيقظت «نجم» في شبابه، ذاتها توقظ الأجيال التالية، رفض الظلم والجهل والظلام وتحدي طوب الأرض ليشعر ويحس «كانوا شبهكم أساميهم أساميهم».