لا شيء غير التراجع على صعيد كمية الإنتاج الغنائي، ومستوى الأغاني والحركة الغنائية اللبنانية والعربية عموماً لعام 2010. أزمة شركة «روتانا» كانت سبباً رئيساً في التراجع اذ عملت هذا العام في حدود أضعف الإيمان، ومع قلة قليلة من النجوم، وخلافاتها مع أهل الفن طبقت شهرتها الآفاق. شركات إنتاج أخرى بالكاد ظهرت أعمالها هنا وهناك. بعض النجوم الذين اعتمدوا على أنفسهم مالياً فأنتجوا ألبومات، اصطدموا بواقع الجمهور المُترجرج والوقائع الموضوعية التي تحاصر الحياة الفنية في البلاد العربية كافة، فلجأوا الى لملمة الخسائر قدر المستطاع. وهكذا مرَّ عام 2010 متهالكاً منذراً بشرّ حقيقي اسمه الكساد بعد «فوضى» النهوض الذي لم تعرف له هوية أو مواصفات إبداعية، بقدر ما عُرفت له حركة تشبه دبيب النمل قبل هبوب العاصفة التي أكلت الأخضر واليابس! وكانت العاصفة السلبية أولاً فنية وتركّزت على انحسار عمليات الإنتاج، ثم أصبحت ثانياً مالية بعد انهيار البورصات، والخسارات المتعددة الجوانب التي طاولت جميع المعنيين بالإنتاج الغنائي والحفلات وعالم الفيديو كليب، فبدا الانحسار نهائياً، ولولا بقية من «الروح» في بعض المحاولات لأمكن القول ان عام 2010 هو عام الانهيار الفني – الغنائي، قياساً بالسنوات السابقة، تحديداً السنوات العشر الأخيرة التي بدا فيها الانتاج عامراً وبلا حدود مادية أو فنية من حيث المعايير الجمالية، ثم تباطأ بعدما تبين أن عدم الاهتمام بالأرباح كاد يؤدي الى عبثية إنتاجية طاغية لا همّ لها غير العدد، عدد الألبومات، وعدد النجوم وعدد الكليبات، ثم توقف أو كاد عندما تلاقت الأزمات فوق رؤوس الجميع... وإذا كان لا بد من التدقيق في النتائج على مستوى قيمة الأعمال التي قدمت عام 2010 فإنها لا تناسب قطعاً، لا بالنسبة الى النجوم، ولا الى الجمهور، ولا إلى وسائل الإعلام. وغالبية أهل الغناء آثر الانتظار ريثما يتبين الخطّ الأبيض من الخيط الأسود في هذه المعمعة، وأما الذين اندفعوا وراء المحاولة أو التجربة أو المغامرة فحرصوا على ألا يُغيِّروا شيئاً من اسلوبهم في الغناء، أو في اختيار الأغاني، أو في الطابع الفني الذي رسموه وكرّسوه خشية «التغرّب» عن سكّتهم الغنائية، وعن مزاج جمهورهم التلفزيوني المعروف، وعن هوية الموضة «الإذاعية» السائدة. فكانت المحصلة لا شيء يحمل جديداً فعلياً، بل كل شيء على ما هو... هو. إضافة الى ذلك، ترسّخت فكرة أغاني «السِّنغل» عندما بات للقرش أو للفلس مكان في غياب الانتاج الكبير واليد المفتوحة على مداها. فالفنان النجم الذي اضطر الى إخضاع موازنته لحسابات غير متهاودة، صرف النظر عن الألبومات المكلفة على كل صعيد، وذهب الى الأغنية المنفردة باعتبارها تبقيه حاضراً في الساحة الغنائية من دون أن ترهقه بمتطلباتها، إذ إن أقصى متطلبات الأغنية - «السِّنغل» كلام ولحن وفيديو كليب غير فضفاض، ثم «دعم إعلاني» للأغنية في إذاعتين حداً أقصى وتنتشر الأغنية لشهرين حدّاً أقصى، يكون خلالها المغني أعدّ أغنية أخرى... وهكذا دواليك في العملية الإنتاجية حتى أن الأغنية الجديدة كانت تطرح الأغنية السابقة أرضاً، ثم تأتي أغنية ثالثة بعد مسافة زمنية مماثلة لتنطح الأغنية التي قبلها في سباق محموم يقطع أنفاس المغني أو المغنية أحياناً، ويظن ان الحضور الغنائي هو في الكمّ لا في النوع، والكمّ يقود الى الهلاك، خصوصاً عندما يُوزن بميزان متوجبات السوق! قلّة من نجوم الغناء في العالم العربي قدمت الى جمهورها بما يمكن أن يكون إضافة الى ماضيها. وقلة أيضاً ارتأت الابتعاد من طاحونة الإنتاج فجلست تراقب، وما فعله عام 2010 غنائياً كان أنه لم يفعل شيئاً!