تنامى في السنوات الأخيرة سلوك العُنف من قتلٍ وضربٍ واعتداءٍ وتهجمٍ وتطاولٍ ليصبح ظاهرة تستحق الوقوف عليها، من حيث المُسببات، وصولاً للعلاج وبناء قواعد وقائية لتجنب العنف، لتصبح مُلزمة للجميع «لحياة آمنة». وفقاً للتنظير الحيوي والنفسي، يرجع سلوك العنف بداية لغريزة العدوان «Aggression» التي تتوضع فيما يُعرف باللوزة «Amygdala» في الدماغ الحوفي، وتتصل عبر دوائر عصبية «Neuro-circuits» بالفص الجبهي من الدماغ، الذي بدوره يعطي معنى «Meaningfulness» لتلك الغريزة «الهمجية» وثم يُحدد نوعية القرار «المُتخذ»، وفقاً لعديد من الاعتبارات العقلانية والإنسانية، لتتحوَّل غريزة العدوان لمُخرجات سلوكية مُهذبة «Cultivated Outcomes». العدوان غريزة «أولية» في الإنسان مُصاحبة له ما حيا، ولا يخلو منها جسد، ليست بجديدة ولا مُتجددة، فقد أقدم قابيل على قتل أخيه هابيل ظلماً وعدواناً، وبالتالي فغريزة العدوان جزء من تكوينة الإنسان، وهي تتوارث عبر الأجيال. يرى عملاق التحليل النفسي «سيجموند فرويد» أن غريزة العدوان لا شعورية، وتشكِّل جزءاً كبيراً من مكنونات النفس المُظلمة التي سماها بالهوى «ID» التي تُوجه سلوك الفرد تجاه العنف، ومع هذا فإسناد غريزة العدوان بالكلية لعالم «اللاوعي» تفسير يشوبه كثير من الحذر، وهذا يعود لتعقد ظاهرة سلوك العنف وارتباطها بمسببات شعورية عديدة، منها ما هو نفسي بحت، وأخرى اجتماعية وحضارية مُتعددة. هنا القول العنف «سلوك» قاعدته «غريزة العدوان» والتي تقبع في ظلمات «الهوى»، ومع هذا كله فإنه من السهل تهذيب تلك الغريزة لتصبح سلوكاً عقلانياً هادفاً ذي قيمة حياتية، من هنا ظهرت التشريعات السماوية وكافة القوانين المُنظمة لحياة البشر لكبح «مُخرجات» تلك الغريزة المُدمرة. تتمثل الخلاصة هنا في الكيفية التي من خلالها نستطيع إعطاء معنى «قيمة» لغريزة العدوان لتصبح سلوكاً «راقياً» يليق بإنسانية الإنسان، الحقيقة اليقينية أنه ليس بالإمكان «وأد» تلك الغريزة في مهدها لتجنب العنف. ربما للحديث بقية!!!