الحبُّ شعور جميل، وعاطفة جيَّاشة، ونبع صافٍ متدفق، وسعادة غامرة، «تكتسي» المحب تجاه مَنْ أحب. إن حُبَّ الإنسان ربَّهُ «المُنعم»، ورسوله «المُنقذ»، هما أسمى درجات الحب، يليهما حبُّ الإنسان نفسَهُ «فمَنْ لا يجيد حُبَّ نفسه، فهو عاجز عن حُبِّ غيره»، وحينئذ مَنْ هم حوله. الحبُّ غريزة فطرية أولية «Primitive»، تتوضع في الجهاز الحوفي، لتصل عبر دائرة عصبية «معقدة» إلى مقدمة الدماغ الأمامي فتصبح خبرة شعورية ناضجة «Matured»، وتتحرر من إطارها الغريزي «Instinctual»، فتكون هادفة، وذات معنى إنساني. الحب حاجة إنسانية «أساسية» لن يستطيع الإنسان تحقيق ذاته إلا بها ومن خلالها، وبالتالي فالحب قاعدة محورية للتوافق، والتكيف النفسي. ارتبط مفهوم الحبِّ بكثيرٍ من الخرافات، وتعكَّر ب «سواد الثقافات»، وأصبح أسير العادات، بالتالي صار هناك تباين في مفهومه، فهناك مَنْ يرى أن حُبَّ الإنسان نفسَهُ، يعني التمحور حولها، أي «الأنانية»، وهناك مَنْ قد يتجاوز ذلك ليصف مَنْ يُحب ذاته ب «التنرجس»، وعليه نشأت «أمة» لا تعرف التعبير عن مشاعرها تجاه ذاتها. هناك مَنْ لا يستطيع الصعود «فكرياً» لربط غريزة الحبِّ بمضمونها «النضوجي» الإنساني، ليتقوقع حول الجانب الجنسي، معتقداً أن كلمة الحبِّ تعني غريزة الجنس، والمحصلة: الخوف من إظهار هذا الشعور الجميل، وهو «الحبُّ»، وتغليفه بعبارات اجتماعية ربما أكثر قبولاً مثل: قول أحدهم: «أنا أعزك». خوفاً من «وصمة الجنس»، وهناك مَنْ يرى أن الحبَّ يعني «المنافع»، فتجده لا يستطيع التعبير عن حبه شخصاً ما خشية اتِّهامه ب «النفاق الاجتماعي»، فيسهل عليه التعبير عن مشاعر الكره والعدائية فقط. نحن أمة في حاجة إلى أن نُحبَّ، ونتعلَّم كيف نُحبُّ ذاتنا، ومَنْ يحيط بنا، ونتعلَّم أيضاً كيف نُعبِّر عن مشاعرنا تجاه مَنْ نُحبُّ، وكيف نُحرِّر مشاعرنا «الراقية» من قيودها الغريزية، والحضارية، والثقافية، والاجتماعية، لنسعد، فقاعدة السعادة هي: الحبُّ الناضج.