حين يقوم شباب جامعة الملك فيصل في ضوء ما يقدمه طلبة قسم الاتصال والإعلام، بتقديم تلك البانوراما المتميزة، كرسالة محبة من طلبة الجامعة إلى أبطال الجنوب على الحدود، فإن القلم لابد أن يتوقف متأملا جوانب عدة يمكن استنباطها، لعل في مقدمتها ذلك الإحساس الوطني الصادق الذي يشعر به الشباب عموماً، وشباب جامعة الملك فيصل على وجه أخص، لا سيما طلبة كلية الآداب تجاه هؤلاء الأبطال الذين يقدمون حياتهم دفاعاً عن أوطانهم ضد أولئك المتعصبين المخربين، الذين وضعوا لأنفسهم أهدافاً تتنافى مع ما يأمر به الحق ويعلو به المنطق، فكان قرار عاصفة الحزم الذي أعاد الطمأنينة إلى النفوس بأن المسؤول خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- لديه ذلك الحس الوطني، الذي يستطيع من خلاله أن يدفع الضرر عن بلاده وبلاد المسلمين، حين القضاء على تلك الفئة المعتدية الظالمة، فلم يتوانَ عن اتخاذ القرار؛ إنما كانت المفاجأة الكبرى لدى الطرف الآخر الذي ظن أن هذا القرار بعيد التحقق، حيث إنهم لم يدركوا أن الصبر لا يعني التهاون، وإنما إعطاء الفرصة ليعود الظالم عن غيّه، حتى إذا أصر هذا الظالم على الاستمرار؛ فإنه ليس بقارئ للتاريخ، فكان لابد من القرار المحقق للآمال. إن الاستجابة الفورية لدول عدة جعلت المسلمين الصادقين، يدركون أهمية اجتماعهم على مقاومة الظلم ودفع الضرر مهما تلون وارتدى من أقنعة كاذبة، كما أن جنود الجنوب البواسل، وهم يقاومون هؤلاء، إنما يدركون أهمية الرسالة التي يؤدونها لدينهم وبلادهم. من هنا تكمن الأهمية الحقيقية لتلك الرسالة، التي يبعث بها طلبة جامعة الملك فيصل لهؤلاء الجنود الذين يقاتلون في سبيل الله، مصداقًا لقوله تعالى: «إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» (التوبة: 111)، فهيهات هيهات بين جندي يستجيب لأمر ربه فيضحي بحياته في سبيل الله، وآخر لم يستجب سوى لنزعات شيطانية وعصبيات مذهبية ومصالح دنيوية. وهؤلاء المجاهدون لهم حقوق متعددة: من أهمها رعاية أسرهم وأولادهم فذاك الابن الذي فقد أباه – لاشك – يفخر بما قدم أبوه دفاعاً عن دينه ووطنه. لقد قال شباب جامعة الملك فيصل برسالتهم كثيرا، ما ينم في جوهره عن وعي بعظمة ما يقوم به الجنود على الحدود، كما أنهم أكدوا ما يتحلى به طلاب جامعة الملك فيصل عامة، وطلبة كلية الآداب خاصة، من وعي وطني وحس قومي في ظل قيادة جامعية واعية تعي دورها تجاه وطنها، فتدفع بشباب الوطن للفهم الصحيح، فيبتعد عن كل ما يسيء إلى الوطن، بل يكون هدفهم صون الوطن وحماية مقدساته، وهو اليوم يقدم رسالة المحبة، مما يجعله يدرك أنه مسؤول الغد، فيا شباب الجامعة لكم التحية لوعيكم، ويا قيادة الجامعة لكم التحية لدوركم تجاه طلبتكم، ويا أبطال الجنوب لكم الرسالة المفعمة بالمحبة والمعطرة بالوطنية الصادقة والمدركة لما تقومون به -حفظكم الله – وحقق آمالكم بنصر مؤزر، وذاك إحدى الحسنيين.