في وقتٍ قدَّم رئيس الوزراء العراقي تشكيلةً حكوميةً مقترحةً إلى البرلمان؛ دعا مقتدى الصدر أنصاره إلى إنهاء اعتصامهم أمام أبواب المنطقة الخضراء المحصَّنة في بغداد. وربط الصدر، وهو رجل دين، بين قرار إنهاء الاعتصام الذي بدأ قبل أسبوعين وتقديم رئيس الوزراء، حيدر العبادي، تشكيلة وزارية كاملة «ما عدا وزارتي الداخلية والدفاع» بين يدي مجلس النواب. واعتبر الصدر، في كلمةٍ متلفزةٍ أمس من خيمة اعتصامه داخل المنطقة الخضراء، خطوةَ العبادي «شجاعة». وخاطب أنصاره قائلاً «هذه واحدة من ثمار اعتصامكم، وسيتم التصويت عليها خلال أسبوع أو 10 أيام لا أكثر». لكنه دعاهم إلى استمرار مظاهراتهم الحاشدة بعد كل صلاة جمعة وفي كل محافظة «للضغط على البرلمان للتصويت على التشكيلة الوزارية التي نأمل أن تكون بعيدة عن حزب السلطة»، حاثَّاً على الانسحاب المنظَّم من أمام بوابات «الخضراء» وتوديع القوات الأمنية وعدم الاقتراب من المواقع المحصَّنة. ورفع البرلمان جلسته حتى يوم غدٍ السبت بعدما تسلَّم قائمة مرشحين لمناصب وزارية تضم 16 اسماً «في إطار تعديل يستهدف محاربة الفساد». ووفقاً للتلفزة الرسمية؛ رشَّح العبادي نزار سالم النعمان لمنصب وزير النفط، وعلي علاوي لمنصب وزير المالية، فيما اختار الشريف علي بن الحسين، أحد أقرباء ملك العراق فيصل الثاني الذي أطيح به عام 1958، لمنصب وزير الخارجية. واعتبر العبادي، في بيانٍ على موقعه الإلكتروني، أن التشكيل الوزاري المقترح يأتي في إطار مسعاه لتشكيل حكومة تكنوقراط تحارب الفساد المستشري في البلاد. وأشار البيان إلى تسليم العبادي البرلمان قائمةً بأسماء المرشحين للوزارات وسيرهم الذاتية بعد اختيارهم من قِبَل لجنة خبراء متخصصة «على أسس المهنية، والكفاءة، والنزاهة، والقدرة القيادية» في ضوء وثيقة الإصلاحات الشاملة. ولم يتضح على الفور ما إذا كان المرشحون الجدد لهم صلات بأحزاب سياسية. وتخشى أحزاب قوية أن يُضعِفَ التعديل الوزاري من شبكات المحسوبية التي أبقت على ثرواتها ونفوذها على مدى أكثر من 10 أعوام. ويبدو البرلمان، الذي يلزَم تصويته على أي تعديل وزاري، منقسماً بشأن التشكيل الجديد. ويطالب بعض المشرعين بتغيير جميع الوزراء، في حين يقبل بعضهم الآخر بتعديل جزئي. وقد يؤدي إخفاق رئيس الوزراء في الوفاء بتعهده بمحاربة الفساد إلى إضعاف حكومته، في وقت تستعد فيه القوات النظامية لاستعادة مدينة الموصل الشمالية من تنظيم «داعش» الإرهابي. ويضغط التيار الصدري لتعيين مرشحين لا تربطهم صلات بأحزاب. إلى ذلك؛ أعلن الجيش تقدُّم قوات مكافحة الإرهاب «مدعومةً بقواتٍ من الجيش وضرباتٍ جويةٍ يشنُّها التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة» صوب بلدة هيت الغربية أمس في محاولةٍ لطرد مقاتلي «داعش». وأبلغ ضابطٌ كبيرٌ من قوات مكافحة الإرهاب، وهي وحداتٌ خاصةٌ درَّبتها الولاياتالمتحدة، بأن قواته تقف على بعد كيلومتر واحد من وسط هيت الواقعة على بعد 130 كيلومتراً إلى الغرب من بغداد. واستعادة البلدة ذات الموقع الاستراتيجي على نهر الفرات بالقرب من قاعدة عين الأسد ستدفع مقاتلي «داعش» إلى الغرب صوب الحدود السورية وستقطع الطريق إلى بلدة سامراء الشمالية. وإذا حدث ذلك؛ لن يبقى في أيديهم سوى الفلوجة كمعقل قريب من العاصمة. وحققت القوات الحكومية نجاحاتٍ في صدّ المتطرفين خلال الأشهر القليلة الماضية، وتعهدت باستعادة مدينة الموصل الشمالية في وقت لاحق من العام الجاري، لكن التقدم كان متقطعاً في الأغلب. وذكر ضابطٌ آخر على خط الجبهة على بعد أقل من 3 كيلومترات من هيت أن عملية تحرير البلدة بدأت في الساعة السادسة صباحاً و»تتقدم بسرعة». واستدرك في اتصال هاتفي «هناك بعض المتفجرات بدائية الصنع على الطريق، لكن التحرك لا يزال جيداً، نحن نتحرك». وفي بيانه عن التقدُّم؛ لفت الجيش إلى دعم الهجوم جوّاً بضرباتٍ منه ومن التحالف الدولي. ودعا البيان المدنيين في البلدة الذين يُقدَّر عددهم بعشرات الآلاف إلى الابتعاد عن مواقع التنظيم الإرهابي «لأن هذه الأهداف ستُدمَّر». ودأب التنظيم على استخدام المدنيين كدروع بشرية، وهو تكتيك يهدف إلى إبطاء تقدم القوات الحكومية وتعقيد مهمة الضربات الجوية. وأعربت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» بدورها عن ثقتها في اتجاه «داعش» نحو الهزيمة. واعتبرت، في بيانٍ مساء الأربعاء، أن زخم الحرب ضد التنظيم بات في أوجِه منذ بدأ التحالف الدولي حملته في سورياوالعراق في أغسطس 2014. ورأى نائب وزير الدفاع الأمريكي، روبرت وورك، أنه «ليس هناك أي شك في أن ميزان القوة ضد التنظيم يميل لمصلحتنا أكثر من أي يوم مضى منذ بدء حملتنا». وشدد «نحن اليوم وأكثر من أي وقت مضى واثقون من أن التنظيم يتجه عسكريّاً نحو الهزيمة في الميدان». وفي تصريحٍ منفصل؛ لاحظ وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر، تعرض «داعش» إلى ضغوط من جميع الجهات، واعداً ب «تسريع حملتنا أكثر». وذكَّر كارتر بالخسائر المتلاحقة التي مُنِيَ بها التنظيم أخيراً سواء لجهة انحسار رقعة الأراضي الخاضعة لسيطرته أو لجهة مقتل عديد من كبار قادته.