عد المستشار بالديوان الملكي إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح بن حميد الحوار تنمية للشخصية المتزنة، إذ إن للحوار فوائد مثل تشجيع الطلاب على المشاركة الإيجابية في الحوار والتعبير عن أفكارهم وهمومهم، وإشعارهم بالأمان، وتوسيع مداركهم وتنمية أفكارهم وإثارة اهتمامهم، والشجاعة في الطرح وتبني النقد الهادف والثقة بالتمسك بالحق المشروع والتنازل بنبل وشجاعة، فضلاً عن إكسابه للطلاب مهارات التواصل والتفاعل وحسن الكلام وفن الاستماع والإنصات. وأكد وجوب أن تشيع ثقافة الحوار وممارسته في جميع شؤوننا، سواءً في بيوتنا أو في مدارسنا أو في أعمالنا، وخاصة التربوية والاجتماعية والوظيفية، وقصر الحوار في محاضرته على الجانب التربوي من خلال أربعة محاور؛ محددات الحوار وأهدافه وآثاره وفوائده وصفات المحاور. جاء ذلك في محاضرة ألقاها أمس، عن دور الحوار في بناء الشخصية المتزنة» ضمن «ملتقى وطني قبلة المسلمين» في عامه الثاني الذي تنظمه الإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكةالمكرمة ممثلةً بإدارة التوعية الإسلامية بمسرح الإدارة بالعزيزية، ويستهدف أكثر من 1900 عامل في الميدان التربوي والتعليمي من مديري ومديرات المدارس والمرشدين والمرشدات والمشرفين والمشرفات التربويين، ورواد النشاط والتوعية الإسلامية في جميع المدارس. وطالب التربويين بالتحلي بصفات المعلم المحاور وأن يكونوا قدوة حوارية، كالحرص على معرفة الحق والوصول للصواب، لأن المربي ليس هدفه إفحام المتعلم، وتغليب جانب الرحمة والهدوء واللطف، واحترام الطالب بإشعاره بالاحترام والتقدير، والحلم والإنصاف، أما الاعتراف بالخطأ فقضية سامية. ولفت إلى أن نجاحنا في الحوار مع طلابنا سيؤدي لتخريج أجيال أسوياء متزنين في شخصيتهم واثقين من أنفسهم وفاعلين في مجتمعهم. وفي سياق آخر نظّم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لقاءً مع الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، للحديث عن «الاختلاف والتعايش وآثارهما على الوحدة والسلم الاجتماعي»، مساء أمس الأول بحضور نخبة من المفكرين والمثقفين. وتناولت محاضرة الشيخ صالح بن حميد على عدة محاور ومواضيع لها علاقة بمفهوم التعايش وسنن وفوائد ووسائل التعايش ومظاهره في الإسلام. وأشار إلى أن مفهوم التعايش يتطلب الاتفاق على تنظيم وسائل العيش وتمهيد السبل المؤدية لذلك، فالإنسان عندما يعيش وحده «نستطيع أن نقول أنه يعيش، ولكن لا نقول أنه يتعايش إلا عندما يخالط الناس ويندمج معهم»، فالتعايش لا يكون مع كيان شخصي وهوية خاصة يُحافظُ عليها ولا يقبل التنازل عنها، وعلى ذلك يجب أن تكون هناك مرونة في التعايش ويكون المبدأ هو التسامح واتخاذ الحوار والقبول سبيلاً للعيش بين الناس وبين الأجناس على اختلافهم. وشّدد ابن حميد على أن الناس مهما كانوا فإنهم مختلفون في الأذواق والقناعات «فلا يتم إجبارهم على القناعة بما نعتقد أنه الصواب»، فقد جعل الله الناس مختلفين ليس للتفاضل ولكن جعلهم مختلفين من أجل تحقيق المنافع فيما بينهم ومن أجل تعدد الثقافة والمعرفة والمسارعة في عمل الخيرات والتنافس عليها. وبيّن أن من قواعد الاختلاف أن نفكر بطريقة منفتحة لأننا بهذه الطريقة سيكون لدينا خيارات واسعة لحل مشكلاتنا وقضايانا، بينما «التفكير بطريقة ضيقة لا ينتج إلا خيارات ضيقة» لا تتناسب مع طبيعة ما يطرأ من قضايا عصرية يصعب معالجتها بالفكر الضيّق.