أظهر استطلاعٌ للرأي نُشِرَت نتائجه أمس مطالبة أن 40 % من الألمان يريدون استقالة المستشارة، أنجيلا ميركل، جرَّاء سياستها حيال اللاجئين، ما يعكس استياءً متزايداً لدى مواطنيها من ترحيبها بالفارِّين من الصراعات والفقر. وباتت المستشارة، التي كانت تتمتع بشعبيةٍ قياسيةٍ مطلع العام الماضي، منعزلةً في الأشهر الأخيرة مع ضغوطٍ مارسها عليها أعضاءٌ في كتلتها البرلمانية المحافظة لاتخاذ مواقف أكثر تشدُّداً، في وقتٍ يُتَّهم فيه حلفاؤها الأوروبيون بالتقاعس عن تقديم المساعدة. وشمِلَ استطلاع مؤسسة "إنسا" لحساب مجلة "فوكس" 2047 ألمانياً في الفترة من ال 22 إلى ال 25 من يناير الجاري، وأظهر في المقابل اقتناع 45.2% بأن تعامل المستشارة مع الأزمة ليس سبباً لتستقيل. وهذه هي المرة الأولى التي تطرح فيها "إنسا" سؤالاً عما إذا كان يتعيَّن على ميركل الاستقالة. وفي استطلاعٍ آخر للرأي نشرته مجموعة "إلكتور" للبحوث أمس؛ تبيَّن حيازة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، قائد الائتلاف الحاكم، شعبيةً نسبتها 37% مقابل 42% في سبتمبر الماضي، فيما حاز شريكه الحزب الديمقراطي الاشتراكي شعبيةً نسبتها 24%. أما حزب "البديل من أجل ألمانيا" المناهض للهجرة؛ فحصل على نسبة تأييد بلغت 11%. وتسعى الأحزاب الثلاثة الحاكمة، وهي "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" بزعامة ميركل و"البافاري" و"الديمقراطي الاشتراكي"، إلى إقناع الناخبين بسيطرة الائتلاف على أزمة الهجرة؛ قبل انتخاباتٍ في 3 ولايات في مارس المقبل وانتخاباتٍ عامة في عام 2017. وواجهت ميركل انتقاداتٍ من دول الاتحاد الأوروبي لموقفها من الوافدين صوب القارة، وكان آخرها هجومٌ كلامي من رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينتسي. وأبلغ مكتب الإحصاء الاتحادي في ألمانيا، أمس، عن تسجيل عدد سكان البلاد العام الماضي أكبر زيادةٍ له منذ أكثر من عقدين "إذ عوَّض تدفق المهاجرين الزيادة في نسبة الوفيات". ولاحظ المكتب وصول عدد السكان إلى 81.9 مليون نسمة في 2015 مقابل 81.2 مليون نسمة في 2014. وكان العدد المسجل العام قبل الماضي يمثل أعلى ارتفاع سنوي منذ عام 1992. ولفت المكتب إلى قدوم 900 ألف وافد على الأقل العام الماضي، ما عوَّض العجز في المواليد (الفارق بين عدد المواليد وعدد الوفيات) الذي قُدِّر بما بين 190 و215 ألف شخص. في غضون ذلك؛ أصدر خفر السواحل الإيطالي لقطاتٍ تُظهِر إنقاذه 5 مهاجرين بينهم طفل صغير بعد غرق زورق في بحر إيجه. وجرت عملية الإنقاذ في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء الماضي في موقع غير بعيد عن جزيرة ساموس اليونانية قبالة السواحل التركية. وتُظهِر اللقطات، التي بُثَّت أمس، مهاجرين بينهم رجلٌ يحمل طفلاً صغيراً ويقف على زورق شبه غارق. وساعد غواصو خفر السواحل المهددين بالغرق على السباحة واحداً تلو الآخر وصولاً إلى سفينة. وسُمِعَ صوت رجل إنقاذ غير ظاهر على الكاميرا وهو يقول للمهاجرين "أنتم آمنون". وتقع إيطاليا واليونان على خط المواجهة في أكبر أزمة مهاجرين تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، إذ تصل مئات الزوارق المُكدَّسة بالقادمين من تركيا وشمال إفريقيا. ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة؛ فإن عدد الأشخاص الذين لاقوا حتفهم أثناء عبورهم شرق البحر المتوسط في يناير الجاري يفوق عدد من لاقوا حتفهم في الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي. وألقت المنظمة، في بيان لها أمس، باللوم على تصاعد القسوة لدى مهربي البشر. وفي الفترة بين مطلع الشهر الجاري وال 28 منه؛ لقِيَ 218 شخصاً حتفهم في بحر إيجه، في حين قضى 26 شخصاً آخرين في وسط البحر المتوسط وهم يحاولون الوصول إلى إيطاليا. واتهمت المنظمة المهربين باستخدام قوارب أصغر وغير صالحة للإبحار وتكديسها أكثر من ذي قبل بمزيدٍ من المسافرين. ورأى المتحدث باسمها، جويل ميلمان، أن "الأساليب الأكثر تهوراً ربما تكون بسبب الذعر من أن هذا الأمر لن يستمر طويلاً، إذ يخشى المهربون من إيجاد الحكومات الأوروبية سبلاً لوقف التدفق الذي لم يسبق له مثيل للهجرة غير الشرعية". وتحدث ميلمان، في السياق نفسه، عن "عصابات جديدة تسيطر فيما يبدو على تجارة التهريب في شمال إفريقيا". وأوضح "كانت هناك فترة واضحة للغاية في نهاية العام عندما لم تكن الزوارق تغادر ليبيا، وسمعنا من مصادرنا هناك أن ذلك بسبب قتالٍ بين القبائل أو بين العصابات من أجل السيطرة على سوق التهريب". وفي العاصمة البلجيكية بروكسل؛ أبانت المفوضية الأوروبية أن عدد الوافدين إلى القارة دون سببٍ مقنعٍ للجوء آخذٌ في الازدياد. وفشل الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 28 دولة، في الحدِّ من تدفق اللاجئين أو السيطرة عليه بعد وصول أكثر من مليون منهم العام الماضي. وأظهرت بيانات من المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وصول أكثر من 54 ألفاً و500 شخص إلى أوروبا عبر البحر هذا العام؛ بينهم 50 ألفاً و668 وصلوا إلى اليونان، بينما فُقِدَ 235 شخصاً أو ماتوا. وأمس الأول؛ غرِقَ 24 شخصاً حين انقلب قاربهم قبالة ساحل اليونان بالقرب من تركيا. وصرَّحت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية بقولها "شهدنا بالفعل زيادة طفيفة في عدد الوافدين الذين لا يملكون سبباً حقيقياً لطلب اللجوء". وكانت وكالة حماية حدود الاتحاد الأوروبي "فرونتكس" رصدت تراجعاً في عدد طالبي اللجوء السوريين المسجلين لدى مراكز الاستقبال في الجزر اليونانية خلال الأشهر الماضية مقابل زيادةٍ في عدد العراقيين. وتعد اليونان محطةً أولى للقادمين من تركيا سعياً إلى الوصول إلى الدول الأوروبية الغنية. وتحدثت وكالة "فرونتكس"، أمس الأول، عن "انخفاضٍ بدرجة كبيرة خلال الأشهر السبعة الماضية" في عدد السوريين المعلنة هوياتهم بين جميع المهاجرين الذين تطأ أقدامهم الأراضي اليونانية "إذ شكَّلوا نحو 39% في ديسمبر، مقابل 43% في نوفمبر و51% في أكتوبر". في حين شكَّل العراقيون ربع عدد الواصلين الشهر الماضي بزيادة أكثر من مثلي عددهم في الشهرين السابقين له. ولاحظت "فرونتكس" أن ما بين ربع وثلث الواصلين هم من الأفغان الذين تعدُّ فرصهم أقل في الحصول على حق اللجوء مقارنةً بالقادمين من سوريا أو العراق. وباتت الجنسية السورية حيلةً لدى كثيرين ينتحلونها بغية المرور إلى دول الاتحاد الأوروبي، بسبب زيادة فرص حصول حامليها على "حق اللجوء" كونهم يعانون من نزاعٍ بدأ قبل نحو 5 سنوات. لكن انخفاض أعداد السوريين جزئياً خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة يعكس تحسن إجراءات التحقق من هويات الواصلين إلى الجزر اليونانية، ما أدى إلى انخفاض عدد المارين بادعاء جنسيات غير صحيحة.