«فطن» مشروع جبار جداً جاء ليؤكد لنا بأننا مهما اختلفنا إلا أننا شركاء في التربية كما الناس شركاء في ثلاثة الماء والهواء والنار، وجاء ليعيد أساليب وطرق التربية لدينا وجاء ليؤكد لنا أن اصطفاء الله للوالدين وإقران عبادة الله ببرهما لم يأتِ من فراغ وإنما ليوضح لهما عظم الدور الكبير الذي هما محملان ومضطلعان به وعظم السؤال الذي سيسألانه أمام الله يوم القيامة يوم لاينفع مال ولا بنون !!! والوالدان هما المربيان وهما المشكل الأول للشخصية فمن أقل واجباتهما بناء شخصية الأبناء بناءً متكاملاً سواء من الناحية الدينية أو النفسية أو الأخلاقية وغيرها وهذا يتطلب تروياً وتعقلاً قبل إنجاب الأبناء باختيار الزوج والزوجة الكفء والبيئة الجيدة التي ينتمي إليها كلا الزوجين. لتنجب جيلاً فطناً لابد من أن تنظر بعمق بعيداً جداً عند اختيار شريكة الحياة وفكرها وتربيتها لا لجمالها ولا لحسبها وليس لأي شيء آخر وكما أكد الحبيب -صلى الله عليه وسلم- «فاظفر بذات الدين تربت يداك» وهنا الخطاب للرجل ويقول له كن فطناً عند اختيارك لشريكة حياتك فكل شيء يزول إلا الدين فإنه يبقى والتأكيد هنا على الدين لأنه هو الأساس من خلق الإنسان على الأرض واشترطه في المرأة لأنها هي المربي الأول للأسرة فهي الأمان وهي الحنان وهي المدرسة التي تخرج لنا الأمم فكما يقول الشاعر: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق… وهنا تحضرني قصة من التراث عندما جاء أحد الشباب يطلب نصيحة شيخه في كيفية تربية ابنه حيث زوجته حامل فقال له: فات أوان النصيحة!! فقال الشاب متعجباً ولم فات ؟؟ فأجاب الشيخ أنصحك بالصفات التي يجب أن تكون عليها المرأة عند اختيارها لتكون زوجة أما الآن وقد أصبحت حبلى فلا مجال للنصيحة وكأنه يرسل لنا رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- فاظفر بذات الدين تربت يداك لأن ذات الدين هي من ستوصل أبناءك إلى باب الجنة… في حين يوجه النبي -صلى الله عليه وسلم- رسالة للآباء والنساء في صفتين متى ما توافرت في الرجل فلتقبل به المرأة وهي كما في الحديث «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه…..» حيث اكتفى هنا بالرضا عن التدين والخلق أي أن يكون مقبولاً في سيرته ومحمود الأخلاق بين الناس. لكي نجني جيلاً فطناً في زماننا فإننا نحتاج إلى دراية بأساليب التربية الحديثة ودراية أكثر وأكبر بطبيعة المراحل العمرية (وإني لأرجو من الجهات المعنية تبني هذه الفكرة) منذ الطفولة إلى سن الثامنة عشرة… فطن هو إعداد وصناعة أجيال لابد أن تتضافر فيها العقول والجهود وكل مكونات الدولة لنجني شخصيات وليس أشخاصاً وليتحقق ذلك لابد من حملة تتبعها حملات للتعريف بهذا المشروع الذي أراه جباراً بحكم وجودي في ميدان التعليم ولا يراه الآخرون بحجم ما رأيت بحكم بعدهم عن مجال التعليم وعدم التصاقهم بالقضايا التربوية. فطن مسمى غير واضح للعامة أرجو من القائمين عليه إدراك ذلك فمشروع بهذا الحجم لابد أن يأخذ حقه من التثقيف والتوعية به.