تتضاءل آمال بدء انتقال سياسي في سوريا وفق مقرَّرات اتفاق فيينا بعدما لم تتعاطَ السلطات في دمشق بجديَّة مع مقترح الانتخابات، في وقتٍ واصلت مقاتلاتها قصف مدينة دوما. ورفض بشار الأسد، في مقابلةٍ مع محطة التليفزيون الإيطالية الرسمية «راي»، إقرار جدولٍ زمني للمرحلة الانتقالية في بلاده، متذرِّعاً بضرورة القضاء على الإرهاب قبل تحديد أي جدول. واعتبر الأسد، الذي لم يعد نظامه يحظى باعترافٍ دولي واسع، أنه لا يمكن تحقيق أي شيء سياسي «في الوقت الذي يستولى فيه الإرهابيون على عديد من المناطق»، علماً بأن نظامه أجرى انتخاباتٍ رئاسيةٍ في وضعٍ مشابه قبل نحو عام. وينعت نظامه جميع المطالبين برحيله ب «الإرهاب»، فيما يَحصُر المجتمع الدولي هذه الصفة في تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة». وكانت الدول المشاركة في محادثات فيينا خلال الأسابيع الأخيرة قد أقرَّت جدولاً زمنياً للانتقال السياسي السوري ينصُّ على تشكيل حكومة جديدة خلال ستة أشهر وإجراء انتخابات خلال 18 شهراً، مع عقد لقاءٍ بين ممثلين عن النظام والمعارضة بحلول الأول من يناير المقبل. لكن رأس النظام في دمشق رفض الخطة التي تحظى بإجماع عالمي، وطلب تأجيلها إلى ما بعد «القضاء على الإرهاب»، على أن تتمَّ العملية السياسية لاحقاً في غضون عام ونصف العام أو عامين. فيما يرى المجتمع الدولي في عمومه وجوب رحيل النظام كون وجوده يساعد المتطرفين. وجدَّد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، موقفه، قائلاً أمس «لا يمكنني أن أتصور وضعاً يمكننا فيه إنهاء الحرب الأهلية في سوريا مع بقاء الأسد في السلطة». وشدَّد أوباما، في تصريحاتٍ على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في عاصمة الفلبين مانيلا، على أن «السوريين لن يقبلوا ببقاء الأسد في السلطة بعد الحرب، التي شهدت قيام النظام بهجمات ضد المدنيين، متابعاً «حتى لو وافقتُ على ذلك، لا أعتقد أن هذا الأمر سينجح». وفي مؤشرٍ على استمرار التباين بين واشنطن وموسكو حول مستقبل الأسد؛ قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس «نحن (…) مستعدون لتعاون عملي مع دول الائتلاف (الدولي لمحاربة الإرهاب) وللعمل معها لتحديد الشروط، التي ستحترم على وجه التأكيد سيادة سوريا والامتيازات التي تتمتع بها القيادة هناك». ميدانياً، لم يتوصل النظام في دمشق والفصائل المقاتلة إلى اتفاقٍ على وقفٍ لإطلاق النار في منطقة الغوطة الشرقية الواقعة في ريف العاصمة. وذكر مصدر مطَّلِع أن «الاتصالات لا تزال في بدايتها وقد تحتاج إلى أيام أو أسابيع كي تثمر عن نتائج». ورغم تأكيد المرصد السوري لحقوق الإنسان استمرار الاتصالات في محاولة للتوصل إلى اتفاق؛ أنهى النظام ظهر أمس هدوءاً نسبياً شهدته جبهات دوما وحرستا صباحاً. وقُتِلَ شخصٌ على الأقل جرَّاء قصفِ القوات الحكومية مدينة دوما. وبدأت الأزمة السورية في مارس 2011، إذ قمعت الحكومة بعنف مظاهرات داعية إلى التغيير. وبعد أشهر؛ اندلعت حرب أهلية أسفرت عن مقتل أكثر من 300 ألف شخص وتهجير ملايين السكان بين لاجئ ونازح.