- ليس هناك ما يبرر استمرار جامعاتنا في سياساتها الغريبة فيما يتعلق بتوظيف السعوديين والتعاقد مع الوافدين على الوظائف الأكاديمية، حيث لاتزال تلك الجامعات «الوطنية»، «لا تطرب» للدرجات العلمية العليا للمواطنين من حملة الماجستير والدكتوراة، حتى أصبحت معظم وظائفها التدريسية على مستوى الأساتذة المساعدين، بل وحتى المحاضرين، متاحة بنظام «التعاقد المرن» لجميع الجنسيات، ما عدا «الجنسية السعودية»، بصرف النظر عن جودة المؤهلات، ومستوى الجامعات، حتى بلغت نسبة المتعاقدين في بعض جامعاتنا ما يقارب 48%، وازدادت نسبة المواطنين العاطلين عن العمل في دلالة صارخة على حجم الخلل، وسوء التخطيط، وبؤس التنظيمات والإجراءات، وتجاهل المشكلة، التي أصبحت مرضاً مزمناً، ينهش في جسد الجامعات! - ما يدعو للتعجب هو أن «المواطن» المتقدم إلى وظيفة التدريس الجامعي لن يجد إلا التعقيد، «والتنكيد» منذ اللحظة الأولى، التي تسوِّل له نفسه «الأمارة بالعلم»، أن يحاول طرق أبواب الجامعات، مهما كانت مؤهلاته وقدراته، حيث تعترضه حواجز «الشروط التعجيزية»، وعقبات المعايير «الفانتازية»، مثل شرط «امتداد التخصص»، والعمر، و«عدم الوظيفة»، وغيرها من الاشتراطات والمعوقات، التي لا تُطبق، ولا تفعَّل عند التعاقد بنظام «التأشيرات الأكاديمية»، حيث تكيل الجامعات بمكيالين، فترفض المواطن بحجة «الامتداد»، وتتعاقد مع الوافد، الذي ترى كل مؤهل من مؤهلاته في «وادٍ»، وتوصد الباب في وجه «خريجيها»، وخريجي «برنامج الابتعاث»، وتفتحه على مصراعيه لخريجي جامعات الدول المجاورة، حتى ترى المواطن يكاد أن يصرخ: يا ليتني كنت وافداً! - والأدهى والأمر، أن يستمر التعاقد على وظائف أعضاء هيئة التدريس فيما دون الأساتذة المشاركين في التخصصات النظرية، التي من المخجل ألا يتم توطينها، وتحقيق الاكتفاء فيها بالمؤهلين من السعوديين، الذين لا بواكي لهم في ظل البطالة والإحباط كنتيجة حتمية لسياسات الجامعات التعسفية! - ختاماً: لا أتعجب من ذلك كله، سوى استمرار تطبيق الأنظمة «القديمة، العقيمة»، التي تمنع، أو تعرقل انتقال المؤهلين من أصحاب الشهادات العليا في التعليم العام إلى التعليم الجامعي رغم اندماج الوزارتين!