ينسى عائلته، أصدقاء دراسته، أماكنه المفضلة، وكثيراً من الأماكن والأشخاص المعروفين لديه.. ذلك هو تعريف جمعية الزهايمر السعودية لمريض الزهايمر، وقدَّرت الجمعية عدد المصابين بالزهايمر في المملكة ب أكثر من 50 ألف مصاب. بينما ذكرت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الأخير أن عدد مرضى الزهايمر يبلغ اليوم 35.6 مليون مريض في العالم. وفى فرنسا بلغ عدد المرضى 850 ألف حالة، إضافة إلى 225 ألف حالة جديدة سنوياً، أي أن هناك شخصاً واحد يُصاب بالزهايمر كل ثلاث دقائق. ومع ارتفاع سن الشيخوخة في عام 2020 سيكون ربع البالغين سن ال 65 مصابين بالمرض. وقبل أيام احتفل العالم باليوم العالمي للزهايمر. «الشرق» تواصلت مع استشاري الطب النفسي الدكتور أسعد صبر، الذي ذكر أن اسم المرض مأخوذ من اسم العالم «ألزهايمرالذي اكتشفه عام 1907»، وهو أحد أنواع الخرف، والخرف هو تدهور القدرات العقلية للمريض بشكل مَرَضي مع تقدم السن. الزهايمر يسبب نوعاً متفاقماً من الخرف، أي أنه مستمر، ويتطور يوماً بعد يوم، نظراً لأنه يسبب تدهوراً في عدد وظائف خلايا المخ. الزهايمر يتسم بتدهور في الذاكرة، وهو أوضح الأعراض، مع تدهور في القدرات العقلية الأخرى، كالتركيز والانتباه، والقدرة على الحكم على الأمور، والقدرة على الاستنتاج المنطقي. تزداد نسب الإصابة ب الزهايمر بشدة مع تقدم السن، 99% من الحالات تحدث بعد سن الخامسة والستين، ويصيب الزهايمر واحداً من كل ثمانية أشخاص فوق سن 65، وترتفع هذه النسبة لتصبح واحداً من كل ثلاثة أشخاص فوق سن 85. ونصف حالات الخرف تكون مصابة ب الزهايمر، والنصف الآخر يكون مسؤولاً عن كل أنواع الخرف الأخرى. والزهايمر رغم أنه من أمراض الشيخوخة، إلا أنه لا يعتبر جزءاً من التطور الطبيعي لتقدم السن، أي أنه ليس من الضروري أن يصاب به كل المسنين. ويتخذ الزهايمر شكل تدهور مستمر في الذاكرة، اللغة، مهارات حل المشكلات. الفرق بين النسيان الطبيعي، الذي يحدث لنا جميعاً وبين الزهايمر، هو أنه قد يحدث لأي منا أن ينسى أين وضع مفاتيحه، أو أين وضع الملفات الخاصة بالعمل، أما مريض الزهايمر فقد ينسى أين يسكن..! يبدأ مرض الزهايمر في الوضوح حين يكون التدهور المعرفي شديداً لدرجة تؤثر بالسلب على قدرات المريض على أداء مهام يومه الطبيعية أو مهام عمله، التي تعوّد على أدائها مع تقدم المرض، يظهر بعض العنف والاكتئاب والسلوك العدواني. الأعراض المبكرة للمرض تتمثل في تدهور طفيف في الذاكرة مع اختلاف في الشخصية، وقد يجد المريض بعض الصعوبات في إدارة أمواله، وتذكر الأحداث الحديثة، وصعوبات في تذكر بعض الأشياء الأساسية كرقم تليفونه، أو أسماء الأحفاد. في المراحل المبكرة من الزهايمر، يظهر المريض بصورة جيدة ومهندم ومتعاون. وفي المراحل المتوسطة من الزهايمر، يحتاج المريض دائماً لمَنْ يساعده لأداء مهام حياته اليومية، لأن المريض وقتها قد لا يستطيع اختيار ملابسه بشكل لائق، وقد ينسى عنوانه أو أسماء أفراد أسرته، ويجد صعوبات في العناية بنظافته الشخصية. وتتدهور اللغة بشكل ملحوظ، فيصبح المريض غير قادر على قول جمل طويلة. وفي المراحل المتأخرة من الزهايمر، قد يعاني المريض من ضلالات اضطهادية أو هلوسات بصرية. قد يعتقد المريض أن شخصاً ما يحاول إيذاءه أو سرقة ممتلكاته. وفي المراحل الأخيرة من المرض يصبح المريض عاجزاً تماماً، فيفقد القدرة على الكلام، وغير قادر على التحكم في إخراج فضلات الجسم. مرض الزهايمر يؤثر بالسلب نفسياً في كل أفراد أسرة المريض. تشعر بأنها في «جنازة لا تنتهي»، فالأعراض المتأخرة للمرض تسبب ضغطاً كبيراً على أفراد الأسرة. والمعيشة مع قريب مصاب بالزهايمر تشبه الحياة مع شخص غريب، نظراً لتغير شخصيته وسلوكياته، ما قد يصيب الشخص بالاكتئاب والحسرة. دائماً مَنْ يتولى رعاية مريض الزهايمر بناته، اللاتي بعد فترة يشعرن بأنهن بين المطرقة والسندان، بين مسؤوليات بيوتهن وأطفالهن، وبين مسؤولية رعاية الوالد أو الوالدة المصابين ب الزهايمر. في المراحل المبكرة يشعر المريض بالتوتر نتيجة تدهور ذاكرته التي يلاحظها، ثم يبدأ في إنكار هذا التدهور. في المراحل المتوسطة قد يصاب المريض بالاكتئاب نظراً للتدهور، الذي يلاحظه على نفسه، واحتياجه المستمر لمَنْ يساعده. في المراحل المتأخرة قد يصاب ببعض الأعراض الذهانية مثل الهلوسات والضلالات، وقد يتأثر سلوكه بها فيصبح عدوانياً وعنيفاً. الأدوية المتاحة حالياً لمرض الزهايمر تأثيرها يكون في إبطاء التدهور المعرفي وتحسين بعض القدرات المعرفية، لكن لا يوجد علاج نهائي له حتى الآن. غير الأدوية الخاصة ب الزهايمر، يمكن استعمال أدوية أخرى لعلاج الأعراض النفسية، كمضادات الذهان لعلاج الأعراض الذهانية والعنف والعدوانية، ومضادات الاكتئاب لعلاج أعراض التوتر والاكتئاب، مع الأسف لا توجد حتى الآن أدوية قادرة على الوقاية من مرض الزهايمر، أو تؤجل الإصابة به. يجب تشجيع المصابين ب الزهايمر على الاشتراك في أنشطة محفزة للذهن، مثل: ألعاب الكلمات المتقاطعة والسودوكو، وقراءة الجرائد اليومية بانتظام، ويجب وضع تقويم (نتيجة) كبيرة وبخط واضح في بيت المصاب بالزهايمر، ويتم قطع أوراقها يومياً، لتسهل على المريض إدراك الزمان واليوم والتاريخ. في حالات الزهايمر المتأخرة، يُنصح بوضع لافتات كبيرة وبخط واضح على غرف المنزل المختلفة (دورة المياه، المطبخ، غرفة النوم) لتسهل على المريض الإدراك المكاني، ولتقليل احتياجه للمساعدة. يُنصح بوضع مفكرة تحتوي على أرقام التليفونات الخاصة بأبناء المريض وأقاربه، بجانب جهاز الهاتف الخاص به، لتسهيل الاتصال بأي منهم في حالات الطوارئ، ولتقليل احتياجه للمساعدة، وبالتالي تقليل شعوره بالاكتئاب. ويقول مؤسس حساب مقدمي رعاية الزهايمر فيصل العثيم إن مرض الزهايمر له ارتباط وثيق في عائلتي، فجدي وجدتي توفيا مصابين بالزهايمر، ووالدي الغالي الآن مصاب بالزهايمر منذ عام 2010 – وقد يكون مصاباً به قبل هذا التاريخ ونحن لا نعلم- بعد تقاعد والدي أصبح يعيش في عزلة ووحدة بالرغم من أنه كان اجتماعياً بطبعه ويذهب للمناسبات.. ولكن بدأت تظهر عليه علامات أولية كان يخرج بالسيارة ويغيب لساعات طويلة ويرجع وعليه آثار التعب، وأصبح لا يهتم بملابسه، أما بداية الاكتشاف فكانت بعد وقوع الوالد بالدرج وإصابته برضوض في أنحاء جسمه واحتاج أن يلازم الفراش لمدة أسبوع ونحن معه.. تبينت بعض الأعراض، ومنها عدم الثقة في أسرته واتهامه لنا بأننا سوف نرميه في الشارع أو نقتله. يُضيف: دائماً ما يجمع بعض أغراضه ويريد أن يذهب إلى بيته.. مع العلم بأنه في بيته، وخيالات وأوهام غريبة.. وكأنه يكلم أشخاصاً معه ويتخيل أناساً ميتين، وعدائية وعصبية أغلب الأوقات ومع الكل، وهذه غلطتنا في البداية لأننا لم نعرف كيف نتعامل معه، فهو ينام في النهار ويصحو بالليل.. ولفترات قصيرة متقطعة. وبعد عرضه على طبيب مخ وأعصاب وطبيب نفسي شخصا الحالة على أنها كبر سن وشيخوخة، وزهايمر وضمور في خلايا المخ. في البداية، لم يتقبل الوالد أنه مريض زهايمر، وكان يريد أن يمارس حياته الطبيعية ويسوق السيارة ونحاول منعه وكان يغضب ويزجرنا، وقد يصل الموضوع إلى الضرب. وكنا نتحجج بأن المفاتيح ضائعة.. وأحياناً الرخصة وأوراق السيارة ضائعة وفي إحدى مراجعات الطبيب العادية طلبنا منه أن يساعدنا على عمل فحص نظر. وكانت الحيلة هي أن نظره ضعف ولا يستطيع أن يسوق السيارة. فاقتنع والحمد لله. ويقول: بعض الأحيان أرجع من الدوام وأجده جالساً عند الباب ومعه أغراضه، ويقول «يالله وديني للبيت» فكنت أستفيد من الذاكرة القصيرة لديه، ونذهب إلى التسوق في محال تجارية أو نأكل في المطعم، ثم نرجع للبيت ويمر الأمر بسلام. الظريف هو أن الوالد -الله يشفيه- يرى أن كل الناس «عايشين.. لا يوجد أحد متوفى». وعند الغداء يسأل عن أبيه.. فنجيبه بأنه غير موجود. النصيحة الناجعة لأسرة مريض الزهايمر هي المسايرة والصبر واللين والعطف.. وحذار من تصحيح معلومة خاطئة له.. لا تعانده..! ويتطلب التعامل معه تقسيم الأدوار في العائلة مثل مواعيد المستشفى، ومتابعة العلاج والزيارات، وممارسة الرياضة وأقلها المشي على حسب الاستطاعة، والزيارات والطلعات خارج المنزل، خصوصاً في الأماكن المفتوحة مثل: البر والمزرعة والبحر، والاهتمام بالأكل الصحي المفيد. ومن المهم معاملته بهدوء ولطف وتشتيت انتباهه إذا طلب أمراً غير جيد. * لا تتركه لوحده أثناء الاستحمام ونزول الدرج والمشي في الشارع. * أخبر الجيران وأصحاب المحلات القريبة ورواد المسجد بحقيقة مرضه. * احتفظ بصورة شخصية حديثة له. * ثقف نفسك عن المرض بالقراءة والبحث واسأل الأطباء. * ابتعد قدر الإمكان عن الضغوط النفسية واجعل لك وقتاً للراحة. * تعلّم الإسعافات الأولية، فأنت لا تعلم متى تحتاج إليها. * احتفظ بأرقام الطوارئ في أكثر من مكان بالمنزل. * انزع كل الأقفال عن الأبواب لكي لا يغلق المريض على نفسه. * احرص على التشخيص المبكر والحصول على العلاج المناسب له. * مريض الزهايمر يحب الروتين ولا يحب التغيير.