الزهايمر والذي يسمى باللغة العربية "العتة"، وهو مرض بدأ يكثر عدد المُصابين به في جميع أنحاء العالم، نظراً لإرتفاع مستوى معدل الأعمار خاصة في الدول المتقُدمة، وتأتي أكثر دولة بها مُعمّرون اليابان، حيث يرتفع عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن الثمانين عاماً وكذلك فإن اليابان هي الدولة الأولى في العالم التي بها أشخاص يزيد أعمارهم عن المائة عام بالنسبة لعدد السكّان. الزهايمر مرض يترافق مع التقدم في العمر ويبدأ غالباً بعد سن الخامسة والستين. وبرغم أن الأسباب العلمية تُرجع السبب إلى نقص عدد من الموصلات الكيمائية وزيادة مواد تُخرّب خلايا الدماغ، وتلعب الوراثة دورا هاما في الإصابة بمرض الزهايمر. أهم أعراض الزهايمر هو فقدان الوظائف العقلية مثل فقدان الذاكرة، النسيان، وكذلك الإضطرابات السلوكية مثل الشكوك، عدم قدرة الشخص المصاب بمرض الزهايمر على تسيير أمور حياته الروتينية مثل اللبس والأكل، وكذلك فقدانه لكيفية التعامل مع الناس، وأيضاً سلوكيات غير مقبولة إجتماعياً مثل أن يفقد الشخص الكبير في السن بسبب إصابته بمرض الزهايمر التفريق بين السلوكيات المقبولة إجتماعياً وغير المقبولة إجتماعياً؛ مثل أن يتصرف الرجل المُسن المصُاب بمرض الزهايمر تصرفات لم تكن معهودةٌ عنه، مثل أن يتكلم بأمور جنسية فاضحة أمام قريباته من بنات وحفيدات دون أن يُدرك بأن هذه التصرفات والسلوكيات غير مقبولة ولم يكن يقوم بمثل هذا النوع من الأفعال أو الحديث من قبل. أحياناً كثيرة يُسبّب المُسن المُصاب بمرض الزهايمر الإحراج والخزي لعائلته، مثل أن يقوم بلمس أجزاء حسّاسة من جسد إحدى قريباته فجأة دون مُقدمات، وهذا يجعل الأهل والأقارب يشعرون بالإحراج الشديد، ونظراً لأن كثيراً من المسنين يأتيهم مرض الزهايمر بالتدريج فلا يعرف الأهل بأن والدهم أو جدهم مُصاب بهذا المرض إلا بعد أن يصل إلى مراحل مُتقدمة أو متوسطة، إذ يبدأ بأن يفقد المُسن الذاكرة وينسى كثيراً، ويضع أغراضه في أماكن ثم ينسى أين وضعها ويتهم من يعيشون معه بأنهم سرقوا أغراضه. هذه السلوكيات يستغرب لها الأهل، وفي البدء يظنون أن الأمر قد يكون صحيحاً وربما أتهموا العاملات المنزليات بسرقة أغراض المُسن، سواءً كان رجلاً أو أمرأةً. ولكن بتكرار الحالة، وتغيرّ المزاج عند المسُن يشعر به من يعيشون معه ويلاحظون بأن والدهم أو جدهم بدأ ينسى أموراً كثيرة لم يعتادوا عليه أن ينساها، مثل أن ينسى أين غرفته التي ينام فيها أو ينسى أسماء أحفاده أو أبنائه وبناته. وإذا كان أحد من أبنائه يعيش بعيداً عنه فإنه يستغرب حضوره إلى المنزل ويسأل عن اسمه ولماذا لا يستترن النساء عنه، وعندما ينُبهه الأهل بأن هذا شقيقهم الذي يعيش في المكان الفلاني أو المدينة الفلانية وأنه ابنه أو حفيده فإنه يستغرب الأمر، وربما سأل أسئلةً غريبة عن هذا الابن أو الحفيد تُبيّن مدى تدهور الذاكره عنده. ونظراً لجهل الكثيرين من العائلات عن مرض الزهايمر فإنه يعتبرونه جزءا من المرحلة العمُرية التي يمر بها المُسن ولا يُدركون بأن هذا مرضاً يُصيب كبار السن ويمكن أن يتم مُساعدته عن طريق إستخدام الأدوية الحديثة التي تُخفف من تدهور قُدراته العقلية والسلوكية. شركات الأدوية مرض الزهايمر الآن أصبح مجالاً خصباً لأبحات شركات الأدوية التي تحاول أن تجد علاجاً يخفف أعراض هذا المرض، وكلما تم الذهاب به إلى الأطباء المختصين مُبكراً كلما كانت النتائج أفضل في تحسن حالته العقلية والسلوكية. منذ سنواتٍ مضت كان مرض الزهايمر لا يُعالج، بل يُعطى المريض أدوية للأعراض فقط تُساعد على تخديره مثلاً أو على تعديل بعض السلوكيات الناجمة عن التدهور في أفعاله التي تتُعب من يعيش معه. وتتدهور حالة مريض الزهايمر بشكلٍ سريع في بعض الحالات ويتوفى نتيجة أمراض الشيخوخة. الآن وبعد أن تقدّم الطب وأرتفع مستوى المعيشة في معظم دول العالم وكثُر المسنون، وبالتالي إزداد عدد الأشخاص المُصابين بمرض الزهايمر فإن شركات الأدوية بدأت أبحاثاً جادة في أيجاد علاج يُساعد على تحسين وظائف المُسن العقلية والسلوكية. بدأت شركات الأدوية في دراسة العوامل البيولوجية التي تقود إلى هذا المرض، وتم إكتشاف قلة مادة الاستيلكولين في دماغ الشخص المُصاب بمرض الزهايمر، فبدأت الشركات تعمل على تجارب لزيادة مادة الاستيلكولين في الدماغ، وبدأت تجربة هذه الأدوية ووجد أنها تُساعد بشكلٍ بسيط على تحسّن حالة المريض بمرض الزهايمر، ونظراً لحاجة المجتمع لأدوية أكثر فاعلية لتحسين حالة المريض بمرض الزهايمر فقد تنافست الشركات في الإسراع في إنتاج أدوية تكون أكثر فاعلية في علاج المرض بشقيه المعرفي والسلوكي؛ أي أن تُحسّن الذاكرة والتدهور في القدرات المعرفية والعقلية للمريض وكذلك تُساعد على علاج الإضطرابات السلوكية التي يُعاني منها مريض الزهايمر. المشكلة الكبرى التي تواجه العاملين في هذا المجال هو أن المريض لا يأتي إلا في مراحل مُتأخرة وبالتالي يكون علاجه أكثر صعوبةً . ظهر قبل سنوات علاج لمرض الزهايمر أسمه "إيزيلون"، وهو يُعالج الأعراض التي يُعاني منها مريض الزهايمر ولكنها تكون ذات أثر فاعل عندما يكون المريض في بداية المرض، وللآسف في معظم الدول النامية لا ينتبه أحد إلى أن والده أو جده مُصاب بهذا المرض عندما يبدأ. فكما ذكرنا سالفاً بأن المرض لا يأتي فجأة، ولا تظهر أعراضه بشكلٍ واضح في بداية المرض، حيث يستطيع المريض أن يُبرر بعض سلوكيات وتدهور قدراته العقلية بمُبرراتٍ قد تكون مقبولة، وأحياناً يحّول الموضوع إلى طُرفة يضحك لها الأهل، ويظنون أنه أمرٌ طارئ على شيخهم المُسن لذلك لا يُفكّرون بعرضه على طبيب مُتخصص لفحصه وبدأ علاجه من بداية المرض، ويتحملون تصرفاته نظراً لأننا في دولنا تعوّدنا على إحترام الكبير وعدم مؤاخذته على بعض سلوكياته التي نُرجعها إلى التقدم في العمر وأن هذا الأمر هو مرحلة طبيعية من حياة الإنسان ولا يعتقدون - كما ذكرتُ سابقاً - بأن هذا مرض يُصيب خلايا الدماغ ويُحدث خللا في إفراز بعض المواد الكيميائية التي تقود إلى هذا التدهور في القدرات العقلية والإضطرابات السلوكية. وتعتمد أعراض مرض الزهايمر على الجزء الذي يعطب في الدماغ، فإذا كان مثلاً الفص الأمامي فإن الشخص المُصاب بهذا العطب من مرضى الزهايمر تتسم سلوكياته بمرض معروف أسمه "مرض بيك" حيث يكون الإضطراب السلوكي هو الأكثر وضوحاً، حيث يتصرف المريض بسلوكياتٍ غير مقبولة إجتماعياً مثلما ذكرنا سابقاً بأن يقوم بلمس أجزاء حساّسة من جسد النساء اللاتي يُحطن به سواءً كنّ حفيداته أو بناته أو زوجات أبنائه، ويكون الحرج أكثر فيما لو قام بمثل هذه السلوكيات مع نساء لا يمتن بصلة قرابة قوية مع المريض، وبذلك يُسبب إحراجاً لأهله. أما إذا كان العطب مثلاً في الفص الصدغي فإن المريض تتدهور حالته العقلية ؛ أي أنه يُصبح ينسى أين وضع الأشياء وينسى الأسماء ولا يتذكّر الأحداث القريبة، و يُصبح عصبي المزاج، وتمتد الإصابة إلى الأجزاء الآخرى في الدماغ فتتدهور حالته العقلية بشكلٍ سريع أحياناً حيث ينسى أسماء أقرب الناس إليه، ومع التدهور في معظم أجزاء الدماغ فإن مريض الزهايمر يُصبح يتصرف تصرفاتٍ غير معهودة عنه مثل أنه يوّزع أمواله على الناس الذين يعرف والذين لا يعرف ولا يستطيع التصرف في إملاكه وقد يُضيعّ ممتلكاته ببساطة، حيث يبيع مثلاً عقاراته التي تساوي مبالغ كبيرة مُقابل أسعار زهيدة، وفي كثير من الأحيان يستغل بعض الأشخاص تدهور قدرات المريض بالزهايمر ويستولون على أملاكه ببساطة، خاصةً إذا لم يكن له أبناء أو أقارب ينتبهون لهذه التصرفات المالية التي يقوم بها هذا المريض، وقد مرّ عليّ في العيادة حالاتٍ عديدة لأشخاص باعوا ممتلكات غالية الثمن بأسعار زهيدة، ولكن الأبناء أو أقارب هذا الشخص يرفعون دعاوى ضد من إستغل مرض هذا المريض إلى المحاكم الشرعية التي تطلب رأي المختصين في قدرات المريض العقلية، وقد تعاد أملاك المريض إذا ثبت بتقارير طبية من أطباء مختصين بأن الشخص المريض قد تصّرف في ماله وحالته العقلية ليست مؤهلة لأن يتصّرف بشكلٍ واعٍ في هذه الأملاك. وأيضاً قد يرفع أهل المريض دعوى حول عدم أهلية والدهم أو والدتهم في التصّرف في أمورهم المالية إلى القاضى الشرعي الذي يطلب رأي المُختصين من الأطباء في قدرات الشخص العقلية على تسيير أموره المالية، وكثيراً ما يكون رأي الأقارب صحيحاً. لكن للآسف هناك أبناء يرفعون قضاء حجر على أبائهم أو أمهاتهم بدون وجه حق، وحين يتم الكشف عليهم تجدهم لا يُعانون من مرض الزهايمر أو أي مرضٍ آخر يفُقدهم الأهلية في التصرف في ممتلكاتهم، ولكن طمع بعض الأبناء وخشيتهم من أن يُنفق الأباء أو الأمهات أموالهم في أعمال خيرٍ لا يرغبون الأبناء بأن يُضيع الأب أو الأم هذه الأموال في أعمال خيرٍ ويعتبرون هذه الأموال حقاً لهم، وهذا مع الأسف يحدث أحياناً نتيجة طمع الأبناء في أموال والديهم، ولا يرغبون أن يُنفق الوالد أو الوالدة أموالهم في صدقةٍ جارية أو أعمال برٍ يرى الأب أو الأم أنها تنفعهم يوم لا ينفع مالٍ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم. الآن ظهرت في الأسواق أدوية جديدة مثل دواء "إبيكسا" وهو دواء جديد لمرض الزهايمر وأعتقد بأنه دخل ألأسواق السعودية وهو دواء جيد لمرض الزهايمر حيث يُحسّن القدرات العقلية والسلوكية للمرضى في المرحلة المتوسطة والشديدة، وينُصح بإستخدامه مع أدوية مضادة للذُهان إذا كان هناك إضطرابات سلوكية.