وصف السياسي العراقي عوض العبدان، الإصلاحات التي يريد إجراءها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بأنها لا ترتقي للمستوى المطلوب، وأنه لا يمكن للعراق الذي يُنهش منذ 13 عاماً أن يتم ترقيع أخطائه بقرارات لا تسمن ولا تغني من جوع. وأوضح العبدان وهو رئيس حركة تحرير الجنوب في العراق، أنه من غير المعقول أن نقول للسارق والمجرم الذي تسبب في خراب البلد «لقد عاقبناك بطردك من المنصب». وقال خلال حديثه ل «الشرق»: إن مؤسسات إعلامية وثقافية إيرانية كبيرة تحاول سلخ الشيعة العراقيين من محيطهم العربي وإجبارهم على الالتحاق بالمحيط الفارسي. شيعة العراق بشكل عام يعون خطورة الدور الإيراني، ولكن مازال بعضهم يقع تحت تأثير إعلامي كبير؛ فمؤسسات إعلامية وثقافية كبيرة تحاول سلخه من محيطه العربي وإجباره على الالتحاق بالمحيط الفارسي، ولكن رغم كل هذا نشهد هذه الأيام هتافات من قبل الجماهير تطالب إيران بالخروج وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وهذا في حد ذاته إنجاز كبير. الإجراءات التي ينوي العبادي القيام بها لا ترتقي للمستوى المطلوب؛ فالعراق الذي ينهش منذ 13 عاماً لا يمكن ترقيع أخطائه بقرارات لا تسمن ولا تغني من جوع؛ فمن غير المعقول أن نقول للسارق والمجرم الذي تسبب في خراب البلد، لقد عاقبناك بطردك من المنصب، هذا ليس عقاباً؛ فهذا السارق يملك المليارات سرقها من أبناء الشعب العراقي وهذا الشخص قاتل، يداه ملطختان بدماء العراقيين، كيف أقول له إن أقصى عقوبة هي أن تطرد من منصبك هذا؟! وربما لاحقاً ستجده يحصل على مناصب أخرى، لقد سرق نوري المالكي وأمثاله من الشعب العراقي إلى الآن أكثر من 800 مليار دولار خلال 13 عاماً، وأصبح السياسيون العراقيون من أثرياء العالم بينما الشعب يعيش فقراً مدقعاً، فمن العدل إعادة الحق لأصحابه، لا أن نسامح اللص والمجرم ونكتفي فقط بحرمانه من كرسيه! ولولا الاحتجاجات الشعبية لما أقدم العبادي على هذا الإصلاح، ومع هذا نقول إنها خطوة في الطريق الصحيح، فلو استمر العبادي في اتخاذ هذه القرارات فإنه سيتمكن من تقليص حجم الفساد وتقليص نفوذ العصابات الحاكمة. كل الإصلاحات التي ينوي العبادي القيام بها لن تثمر؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل، وما دام أساس البناء غير صحيح فلن ينفع ترقيع البناء أو زخرفته؛ فالعملية السياسية في العراق بدأت منذ البداية على خطأ؛ فالمحاصصة الطائفية والعرقية ومن ثم الحزبية هي من شكَّلت النظام السياسي الجديد، وهذا الأساس لا يمكنه أن يصمد أمام صرخات الشعب المظلوم، العراق اليوم ضائع، لا هوية له ولا مضمون ولا يوجد فيه إلا عصابات تحمل السلاح وتفرض نفسها بالقوة على الشعب العراقي، ولا تغرنكم الانتخابات التي تجري في العراق فهي في النهاية تقع تحت تأثير رجال الدين أو السلاح، فعن دراية أو غير دراية تجد المواطن ينساق إلى انتخاب هؤلاء، وإذا ما عدنا إلى موضوع الإصلاحات فإننا إلى هذه اللحظة لم نشهد مسؤولاً واحداً قُدِّم للعدالة بتهمة الفساد رغم أن العراق يتبوأ المراكز الأولى ضمن قوائم الفساد العالمية. المالكي حكم العراق لمدة 8 سنوات وهي أطول فترة حكم منذ عام 2003 ورغم أن العالم كله دعمه إلا أنه تسبب في كوارث عديدة حصلت للشعب العراقي والمنطقة، وهذا الرجل مصاب بانفصام الشخصية على ما أعتقد؛ فتارة تجده يتكلم عن الوحدة الوطنية وتارة أخرى يثير الطائفية ويتحدث عن قتلة الحسين وعن أنهم مازالوا أحياء ويجب قتلهم وأيضاً يتحدث عن الفساد الإداري وابنه أحمد أصبح من أثرياء العالم، والمالكي يتكلم عن الأمن وإنجازاته في هذا المجال وفي نفس الوقت يذرف دموع التماسيح على مناطق الموصل والأنبار التي ضاعت، ويتكلم عن دور سوريا في دعم الإرهاب بالعراق ثم يدعم النظام السوري!! إذا كانت هناك خطوة حقيقية للإصلاح فيجب أن تبدأ بمحاكمة المالكي ويجب أن ينال جزاءه؛ ففي عهد هذا الرجل ضاعت هوية العراق العربية وأدخل البلد في أزمات لا حصر لها. إيران لن تقبل بأي إصلاحات في العراق لأن إيران أصلاً لم تأتِ إلى العراق لبناء العراق أو مساعدته، إنما جاءت برغبة الانتقام من شعبه لأنه كان سبباً في تأخير تصدير ثورة الخميني خلال الحرب العراقيةالإيرانية في الثمانينيات، وإلى هذا اليوم لم ترسل إيران خبيراً واحداً في مجال البناء أو الإعمار، وفي الوقت نفسه أرسلت مئات الخبراء في التخريب والتدمير؛ فإيران لن تقبل بالإصلاحات لأنها ستصب في مصلحة الشعب العراقي لذلك ستضغط لتعطيل الإصلاحات وإفراغها من محتواها وبمساعدة عملائها في العراق. عندما يعيِّن خامنئي ممثلاً له في العراق فإنه يعلن تدخله في العراق بشكل علني ورسمي، ولا أحد ينكر دور إيران في العراق منذ عام 2003، ولا أحد ينكر أن إيران هي من تصنع الحكومة والقرارات في العراق ولكن خامنئي أراد لهذا الأمر أن يكون علنياً وأمام العالم؛ لذلك قرر فتح مكتب لممثله في العراق. قاسم سليماني قائد فيلق القدسالإيراني يتدخل بنفسه في العراق ويدير المعارك وتحميه الطائرات الأمريكية التي طالما صرخ بحقها «الموت لأمريكا»، وهذا يدل على أن شعارات إيران المعادية للغرب كلها أكاذيب وهي تتمتع بأعلى درجات التفاهم والتنسيق مع أمريكا والغرب بل وإسرائيل. معارك الأنبار ستأخذ وقتاً طويلاً؛ فنحن نتكلم عن محافظة مساحتها تعادل 30% من مساحة العراق ولا يمكن لهذه الميليشيات أن تستعيدها لأن القوات الأمريكية بعدتها وعتادها عجزت عن مدينة واحدة داخل محافظة الأنبار وهي الفلوجة، وقبله المالكي عجز عنها عندما كان لديه جيش كامل، فلا أعتقد أن هذه الميليشيات ستستطيع استعادة هذه المدينة حتى إن دمروها بالكامل، ولو فرضنا جدلاً أنهم استعادوها فماذا عن الموصل وهي أيضاً محافظة كبيرة، لا يمكن لهذه الميليشيات أن تقوم بدور عجزت القوات الأمريكية عن القيام به. وبالنسبة لداعش، فنحن نريد أن نتكلم بصوت العقل وبحيادية، «داعش» كان قريباً جداً من بغداد، وكانت الحكومة في ذلك الوقت منهارة، ولم يكن هناك تحالف دولي، ولم يكن يفصل بين داعش وبغداد سوى 20 كلم، ودخول داعش إلى بغداد معناه سقوط الحكومة بل وسقوط النظام وسيطرة داعش على كل العراق، لكننا فوجئنا بأن داعش يتراجع عن بغداد ويحول معاركه تجاه الأكراد، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن أوامر صارمة وصلت لداعش تضع بغداد كخط أحمر لا يمكن لهم أن يتجاوزوه وهي سياسة انتهجها «القاعدة» أيضاً قبل سنوات، فكان يسرح ويمرح في المناطق السنية لكنه لم يتوجه إلى جنوبالعراق؛ فالقاعدة وداعش يحركهما نفس المحرك وهو يريد الانتقام من السنة بأيادٍ سنية، ومع هذا أقول إني أتعاطف كثيراً مع كل الشباب المحبط الذي يرى أن الأمة تسير إلى طريق مجهول ومن نكسة إلى نكسة ومن هزيمة إلى هزيمة؛ فيعتقد أن داعش جاء ليحقق أحلامه في استعادة أمجاد الأمة، أنا أتعاطف مع هؤلاء، ولكن صدقوني لو كان داعش يحمل هذه الصفات وأنه المنقذ لكنت أنا أول الملتحقين به، ولكني كما قلت أحلل الأمور دون تعصب وبحيادية وداعش ليس إلا أداة لقتل السنة.