لم تمض أيام على إعلان تشكيل فرع تنظيم «داعش» في اليمن حتى انخرط في الصراع اليمني على طريقته، وبدأ بعملية تفجير ضد الحوثيين في محاولة لجعل الميليشيات الحوثية الخارجة على القانون كي تصبح قوة عسكرية شرعية في مواجهة تنظيم إرهابي دولي. تجربة تنظيم داعش في العراق، ومن ثم سوريا أتت بنتائج جيدة بالنسبة للميليشيات الطائفية العراقية الموالية لإيران «الحشد الشعبي»، التي تنطحت لقتال «داعش»، وأحدثت تغييراً نوعياً في موازين القوى داخل العراق، مع تراجع دور الجيش العراقي وغياب أي دور للقوى السنية العراقية المستهدفة من قبل «داعش»، كما أن معادلة الصراع بين «داعش» و«الحشد الشعبي» أثمرت في جعل القوات الأمريكية في العراق أن تصبح شريكاً للميليشيات في مواجهة «داعش»، واكتسبت هذه الميليشيات الخارجة عن القانون شرعية وجودها واستمرارها عبر محاربة «داعش». وهذا بالضبط ما تريده واشنطن وطهران في إستراتيجتها تجاه المنطقة العربية ذات الأغلبية السنية. «داعش» في سوريا يلعب الدور نفسه، فقد بدأ بالقضاء على الثورة التي مثلها الجيش السوري الحر في المناطق المحررة، وقضى على جميع التشكيلات الثورية مدنية وعسكرية، ليفسح المجال أمام التشكيلات الطائفية والإثنية كالأكراد وغيرهم من لعب دور في مواجهة «داعش»، وكذلك الأمر بالنسبة لنظام الأسد، الذي يحاول استعادة شرعيته المفقودة عبر الحرب على تنظيم «داعش»، وهذا ما عبرت عنه روسيا صراحة في مطالبتها بتشكيل تحالف مع نظام الأسد من أجل قتال «داعش»، لاستمرار النظام ونفوذ إيران في سوريا. «داعش» اليمن يكرر تجربة العراق في محاولة منح الشرعية للميليشيات الحوثية، التي احتلت البلاد واعتدت على الدولة ومؤسساتها الشرعية، فإيرانوواشنطن تعيدان السيناريو نفسه في اليمن من أجل منح الشرعية للحوثيين كقوة عسكرية تحارب الإرهاب. «داعش» تنظيم جاهز لتنفيذ الأجندة الأمريكيةالإيرانية، يعيد خلط الأوراق ويطيل الحرب.