فُجع مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي بالتفجير الذي تم في مسجد الإمام الصادق بالكويت يوم الجمعة الماضي، وراح ضحيته 29 شهيداً، وما يزيد عن 270 جريحاً، وهم يؤدون صلاة الجمعة في شهر رمضان المبارك. وقد تابعنا جميعاً عبر نشرات الأخبار، وقنوات التواصل الاجتماعي، الأنباء التي تواردت من مكان الحدث، وعادة ما تكون المصداقية فيها ضعيفة جداً بسبب تنوع الشائعات، وكثرتها. وقد أعلنت الكويت بعد ساعات عبر وزارة الداخلية عدد الشهداء والجرحى، وأن منفذ الجريمة هو مواطن سعودي من الذين يحملون الفكر الإرهابي، الذي تغذوا عليه من الأعداء، الذين يريدون لدول الخليج التفكك والتشرذم، وجرِّ المنطقة إلى الحرب الطائفية، التي إن اشتعلت، لا سمح الله، فستكون موجعة جداً على منطقتنا الخليجية. أعداء الخليج سواء أكانوا في الداخل، أو في الخارج، يريدون زعزعة أمنه، وتقويض نسيجه الاجتماعي، الذي يقوم على السلم بين أفراده المتنوعين مذهبياً وفكرياً، هؤلاء لم يعجبهم ترابط ذلك النسيج، فأصبحوا يحاولون بشتى الوسائل الإضرار به عبر تدبير المكائد، والخطط الخبيثة، وما الشواهد التي مرت علينا في الشهر الماضي من تفجير بيوت الله في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، وراح ضحية تلك التفجيرات عشرات الشهداء، ومئات الجرحى، ومن ثم في الكويت الأسبوع الماضي، إلا دليلٌ على نية أعدائنا من «داعش»، أو إيران، الاستمرار في تنفيذ مخططاتهم الإرهابية لتقويض أمننا وسلمنا الاجتماعي. مَنْ يحلل طريقة تنفيذ التفجيرات، التي تمت في المملكة، والكويت، سيصل إلى أن المنفذين هم جهة واحدة، وذلك واضح من خلال طريقتهم، والمكان الذي يستهدفونه، فهم يضربون مساجد إخواننا الشيعة ليجعلوا بينهم وبين إخوانهم السُّنة احتراباً سياسياً وفكرياً، كما أنهم يحاولون شق الصف الخليجي من خلال تأجيج الطائفية بين أبناء الخليج، وهذا واضح في اختيارهم منفذ العملية الأخيرة في الكويت، حيث تم اختيار سعودي ليقوم بذلك لضرب خاصرة الكويت، وإحداث فرقة بين أبناء المملكة والكويت، وكانت هناك محاولات يائسة من بعض المحرضين في وسائل التواصل الاجتماعي عبر بعض التغريدات، التي تهدف إلى بث الكراهية بيننا، إلا أن مجتمع الخليج فوَّت عليهم الفرصة من خلال نبذ مثل هذه الحوادث، واستنكارها، حيث إن الأعمال الفردية عادة لا تمثل إلا صاحبها، وأن الإرهاب لا يعرف لغة، ولا ديناً، ولا مجتمعاً، فمتى ما ضرب الإرهاب أي منطقة، وأحدث شرخاً بين أفراد مجتمعه، وانقساماً بين فئاته، حينها سيجد طريقه سهلاً وميسَّراً، أما إذا اتحدت مكونات الوطن بجميع أطيافه، ومشاربه الفكرية، فإن ذلك يكون أبلغ ردٍّ على الجماعات الإرهابية، ويشكِّل سداً منيعاً أمام أي مخطط لهم، وهذا ما شاهدناه في المملكة، وفي دولة الكويت، ولله الحمد، عبر تكاتف أبناء الوطن الواحد، ورفع راية التحدي أمام كل الإرهابيين بمختلف جنسياتهم، وعتادهم. هذه الانتكاسة المريرة التي مُنيت بها الجماعات الإرهابية عبر فشلها في تحقيق هدفها الرئيس بالتفريق بين أبناء مجتمع الخليج الواحد، وخلق حرب طائفية بينهم، جعلتهم يحتارون، ويشعرون بالأسى أمام قوة هذا التماسك والتقارب، بل بالعكس فقد زادت تلك التفجيرات من التماسك بيننا نحن أبناء الوطن الواحد، لنكون صفاً واحداً في وجه كل عدو يتربص بمنطقتنا. آن الأوان لتفعيل الاتحاد الخليجي، خاصة من الناحيتين الأمنية، والاقتصادية، للوقوف في وجه الأعداء بكل قوة وثقة، وليكون خليجنا قوة عسكرية ضاربة، تخشاها كل الدول، وذلك من خلال اعتمادنا على أنفسنا، وقدراتنا، وترك الاعتماد على غيرنا في الدفاع عن مقدساتنا وأوطاننا، وجميع عناصر القوة متوفرة لدينا من مال، وبشر، وعمق استراتيجي، ومتى ما تم إعداد جيش موحد، يضم أبناء الخليج جميعهم، حينها ستتغير موازين القوى في منطقتنا، بل وفي منطقة الشرق الأوسط كلها. ختاماً: الإرهابيون سيظلون يحاولون التغلغل في مناطقنا، وإحداث تفجيرات في أي مكان يستطيعون أن يصلوا إليه، بغية تنفيذ مخططاتهم، ولذلك يجب أن نكون يداً واحدة سنة وشيعة ضد الإرهاب، وضد أي معتدٍ، يريد أن يقوِّض السلم الاجتماعي، الذي نعيشه الآن، وذلك من خلال نبذ الفرقة والخلاف، والاجتماع على كلمة واحدة من أجل الوطن، ونسأل الله الرحمة والمغفرة للشهداء، الذين استشهدوا في تلك التفجيرات، وأن يحمي خليجنا من كل مكروه، إنه سميع مجيب.