يقول كرشنا مورتي، الخوف شجرة واحدة لها فروع كثيرة. الخوف من الموت، المرض، الفشل، المستقبل، داعش، الثعابين، الوحدة. كل هذه فروع لشجرة واحدة إذا بُذرت وعُهدت بالسقاية والضوء نمت وتفرعت وأخرجت كل يوم فرعاً جديداً. في طفولتنا زرع الصحويون في قلوبنا الخوف. أطفال صغار يُخوفون من القبر وضمته وعذاب جهنم وأن يصب الحديد المصهور في آذانهم. أتذكر في مدارسنا كل يوم يلقون علينا محاضرات دينية مليئة بالرعب فلا تنتهي المحاضرة إلا وكلنا نبكي. دموع أطفال صغار ملأت قلوبهم خوفاً. كبرت واختلطت وأطلعت وتعلمت واكتشفت «في بلد البعثة» أن الخوف ليس هو نظام الحياة الطبيعي كما كنت أظن! كل ما أعرفه عن الحياة هو العيش تحت ظل الخوف، هكذا تربيت وإذا أزلت الخوف سيزول جزء كبير مني كان يسيرني ويتخذ قراراتي بالنيابة عني. اكتشفت أني مشوهة نفسياً وصدمت حين راقبت كيف يعيش البشر الأسوياء يحركهم الحماس أو الحب أو الفضول أو حتى الطمع ولكن لا يسيطر عليهم الخوف كما نحن. من يسيطر عليه الخوف عندهم يعني أنه مريض نفسيا ويحتاج إلى المتابعة في العيادات النفسية، وكذلك فعلت أنا. ثلاث سنوات قضيتها في محاولات جادة للتخلص من الخوف، حاولت أن أفهم كيف ولماذا؟ سنوات تحسرت فيها على نفسي ولعنت من شوه نفسيتي وجعلني أعاني ولا أستطيع أن أعيش كما باقي البشر. عرفت أن الخوف شجرة أصلها واحد وفروعها في السماء. لا ينبغي أن تحارب الفروع فمهما قلمتها ستنمو من جديد. الحل هو في أن تقتلع الشجرة من جذورها. أن تفتح صدرك للحياة وتقول هاتِ ما عندك وسأقبله مهما كان. الحل في أن «تستبيع» لتتخلص من الخوف بكل أنواعه. لا تهرب ولا تواجه ولكن عرِّ نفسك تماما وتخلص من كل ما يحميك وافتح صدرك للحياة. انزع سترتك الواقية وانزل إلى أرض المعركة. هكذا تنتصر وهكذا يموت الخوف في داخلك. من يومين أرسل لي أحد المهتمين يحذرني من الكتابة عن داعش، لأن داعش ربما ستنتقم مني! طبعا لم أخف ولن أخاف ولكن تساءلت إلى أي درجة تمكن الخوف منا! استثمرت داعش شجرة الخوف المزروعة في دواخلنا، سقتها وسمدتها بمشاهد قطع الرؤوس والجلد وحرق الأحياء والمتاجرة بالنساء. داعش تعتقد أنها تطبق الحديث النبوي «نصرت بالرعب مسيرة شهر». يعتقدون أنهم يقتدون بسيد البشر وهم أبعد ما يكون عنه فلم يكن يرضى صلى الله عليه وسلم أن تُقتلع حتى الزروع. نجحت داعش في إخافتنا وبث الرعب في قلوبنا. إذا تمكن الخوف منا فسننهزم حتى قبل أن نحارب. سيحدث لنا كما حدث في زمن التتار يدخل المغولي المسجد ويقول للمصلين انتظروني هنا سأذهب لأحضر سيفي أقتلكم به، ولا يتحركون! تمكن منهم الخوف فانهزم مجموعة رجال أمام مغولي واحد أعزل! انتبهوا أرجوكم، في هذا الوقت الحساس لا يجب أن نسمح للخوف بالسيطرة علينا وإلا فإننا سننهزم. انزعوا الخوف من قلوبكم، لا تخافوا ولا تنشروا الخوف. نعم هو خوف قديم زُرع من الطفولة ولكن اقتلاعه ممكن، أقول ذلك عن تجربة. يجب أن يتكاتف كل المجتمع والمثقفين والمفكرين والدولة في محاربة الخوف والتخويف. يجب أن نشجع الناس على أن ينقلبوا على أنفسهم ويتمردوا على طفولتهم البائسة وعلى كل مسببات الخوف، أن يقتلعوا الشجرة من جذورها. يضعوا أعينهم في عين الحياة تحدياً وعناداً. نحتاج أن ننظم أكبر برنامج للتخلص من الخوف نعالج به المجتمع كاملاً.