من منا لم يشعر بالخوف يوما ؟ لا أحد , فالخوف غريزة .. هذا ما نعرفه جميعا. لكن ماذا عندما يصبح الخوف مرضيا؟؟ ماذا عندما تصاب (بالفوبيا)؟ والفوبيا باختصار مخل هي نوع من الخوف المرضي, مثلا: الخوف من الأماكن المغلقة , الخوف من الأماكن المرتفعة , الخوف من حيوانات معينة , هذا الخوف يتضخم ليصبح حالة من الرعب والذعر قد تصل لفقدان الوعي ويصبح هاجسا , ثم ما يلبث ان يتحول الى مرض نفسي يسبب ضغطا رهيبا على المريض بالدرجة الأولى ثم على المحيطين به.. فلماذا يا ترى هذا الخوف ؟ وكيف يصبح مرضيا؟ قبل الإجابة عن هذه الأسئلة من قبل المختصين , كان لابد لنا من سؤال من يعانون هذا المرض .. وكانت البداية مع (منى) والتي يرعبها مسمى فأر! يرعبني الفأر تقول منى: لا احتمل رؤية فأر أو حتى ذكر اسمه أمامي . تصيبني مباشرة حالة غريبة من الرعب تصل إلى حد البكاء الهستيري!! اذكر أنني ذات يوم رأيته أمامي فرفض عقلي في بداية الأمر الاعتراف بوجوده ووجدت نفسي اخبر من حولي بان سنجابا قد دخل إلى البيت وما أن سمعتهم يقولون إنه فأر حتى انتابني هذه الحالة وبدأت لا شعوريا (اهرش) جسدي حتى كادت الدماء تتصبب مني .. والى اليوم أعاني هذا الشعور ولا اعرف ما السبب؟! خوف متنوع أما (م.م) 20 سنة , فتخاف من القطط .. مع ان القطط مخلوقات لطيفة؟! وحالة (م) شائعة بين الفتيات. تقول(م): أخاف من القطط كثيرا .. وأكره أن أرى قطة أمامي , وتنتابني حالة من الرعب إذا كانت قريبة مني, والغريب إنني فتاة شجاعة بشهادة الجميع لكنني امام القطة فأنا جبانة. أما (عبد الواحد الحسيني) 20 سنة , طالب جامعي فيخاف من المستقبل , ويغلب التشاؤم على تفكيره , قائلا: أخشى المستقبل كثيرا .. يبدو لي ضبابيا اكثر مما يجب .. لا شيء واضح؟! أخشى أيضا المناسبات كالكسوف ودخول عام جديد, يخيل لي وقتها أن حدثا جللا سيقع!! اعرف انه لا أساس لمخاوفي لكنها تسيطر علي فتقهر إرادتي الشخصية .. وهذه المخاوف وكل هذا القلق يزعجني ويضيق صدري!! اخاف الكلاب علي الشعلان , 22 سنة طالب جامعي , يبدو على وعي بمشكلته , يبتسم بهدوء قائلا: أخاف من الكلاب بشدة , مهما كانت نوعيتها حتى الصغيرة منها أو الأليفة , ويمكن ان أخمن سبب هذا.. ففي طفولتي عضني كلب متشرد . وشعرت وقتها بخوف كبير حيث تم نقلي إلى المستشفى لأخذ حقنة ومن يومها وأنا أهاب الكلاب .. بل وأكرهها!! انها الصراصير نهلة 19 سنة طالبة مغتربة , تقول/ مخاوفي كثيرة , لكنني أخاف بشكل خاص من الصراصير , فأصاب بشعور غريب إذا رأيت صرصورا , ولا اعرف كيف اشرح لكم هذا الشعور.. انه شيء من الذعر والرعب والاشمئزاز والتقزز اذا حدث ورأيت صرصورا .. لدرجة انني افقد شهيتي للأكل!! وحتى ظهوره في الإعلانات الخاصة بمبيدات الحشرات او صورته في مطبوعة تثير في نفس الشعور .. ياله من مخلوق رهيب ومخيف!!! اخشى الوحدة وتقول(أ. ع) 16 سنة , طالبة في المرحلة الثانوية: ( اشعر بالخوف من الوحدة ومن الأماكن المظلمة.. احتاج دائما الى رفيق .. فأنا لا أستطيع الدخول إلى مكان غير مضاء وحدي مهما كانت الأسباب) وتقول (أم هشام) موظفة: أخاف من الزحام خصوصا في الشوارع ولا اعرف لماذا اشعر بالاختناق كلما وجدت نفسي في السيارة وسط زحام يحيط بي من الإمام والخلف , فابدأ في الصراخ .. حتى أن زوجي اضطر في إحدى المرات لاجتياز الرصيف والخروج من الزحام بسبب الحالة العصبية التي أصابتني!! ركوب الطائرة ويعاني (فهد) من نوع شائع من أنواع الفوبيا , ألا وهو الخوف من الطيران. ويقول: أخاف من ركوب الطائرة .. وأحيانا أسافر بالطائرة مضطرا , وعندما يبدأ الإقلاع أصاب بحالة هستيرية تلفت انتباه الآخرين لي, وكأنني اركب الطائرة لأول مرة في حياتي؟! وبعد الإقلاع بقليل اغمض عيني وابدأ بذكر الله والتضرع إليه. وتخاف أمل 14 سنة من المعلمات تقول: اشعر باضطراب شديد أمام المعلمات في كل الأحوال عندما يكون الكلام موجها لي بانفراد واكثر ما يخيفني الوقوف أمام المعلمة والطالبات معا لشرح شيء ما ويصل الأمر أحيانا الى البكاء والدوخة! هذه بعض النماذج لمخاوف قد تبدو غريبة , لكنها موجودة فعلا والكثيرون يعلنون عنها , ويعزو أطباء علم النفس أسباب الفوبيا إلى بعض رواسب الطفولة , فمن خلال بعض التجارب الميدانية اتضح ان هذه المخاوف هي فعلا ناتجة عن ذكرى سيئة تترسخ في العقل الباطن الذي للطفل الذي ينسى جزئيا ما حدث لكن الذكرى لا تلبث ان تظهر فيما بعد عند أول مواجهة مع هذا العامل. فمثلا: إحدى المريضات كانت تخشى اللون الأحمر بشدة , وبعد جلسة تحليل نفسية اتضح أنها شهدت اعتداء تعرض له أحد أفراد عائلتها وكان المعتدي وقتها يلبس معطفا احمر اللون. فارتبط اللون الأحمر لا شعوريا عند الطفلة بالحدث الذي اصبح خوفا مرضيا مع مرور الأيام؟. العلاج النفسي لا تترد في زيارة العيادة النفسية حول هذه الحالات المرضية , يقول الدكتور (عادل صادق) في كتابه (حكايات نفسية) أن العلاج يستلزم دراسة كاملة لطفولة المريض والمواقف والصدمات التي تعرض لها , ويتابع الدكتور قائلا ان هناك نوعا من العلاج يسمى ب(العلاج السلوكي) ومعناه إعادة تدريب وتعليم المريض أنماطا جديدة من السلوك لكي يكون قادرا على مواجهة المشاكل دون خوف , ويتم ذلك عن طريق تعريضه تدريجيا أو بشكل مفاجئ للموقف أو الشيء الذي يثير مخاوفه. وهكذا والحديث للدكتور يتضح ان (الفوبيا) مرض نفسي وبالتالي يجب أولا التفريق بينها وبين الخوف العادي يأتي دور التحليل لمعرفة مسببات نشأتها والتخلص منها. ويوجه الدكتور حديثه للقراء : (ان كنت تعاني من شيئا كهذا فلا تتردد في زيارة الطبيب النفسي , ولا تعتقد أن ذلك ترف لا يقوم به إلا من أوتي سعة من الرزق , فالأمراض النفسية كالأمراض العضوية تحتاج إلى فحص وعلاج , وهذا لا يختلف حوله اثنان).