جدّد السعوديون، بكل طوائفهم وشرائحهم، تأكيد وحدتهم الوطنية واتحادهم ضدّ الإرهاب بكلّ أشكاله وألوانه ومصادره. وكشف الحشد الحاشد، الذي واكب تشييع شهداء جامع الإمام الحسين من مدينة سيهات إلى المقبرة الجديدة جنوبيّ القطيف، عن موقفٍ واحد، واصطفاف واحد مع الوطن والمواطنين. وندد المشاركون في التشييع، بالإرهاب الداعشي الذي استهدف المواطنين الآمنين، معبّرين عن إدانتهم لكلّ العمليات التي استهدفت البلاد دون استثناء، من أية جهة كانت، معربين عن تمسكهم بقيم المواطنة والأمن والسلامة. وركزوا على إدانة تنظيم «داعش» الإرهابي الذي جنّد الشاب خالد بن عايد الشمري ليفجر نفسه أمام بوابة جامع الإمام الحسين بحي العنود أثناء محاولته الدخول للمسجد خلال صلاة الجمعة وهو متنكر بزي نسائي. وتقدّم آباء شهداء جامع الإمام الحسين وأيتامهم، مُظهرين حالة فخر استثنائية بمصير شهدائهم المشرّف. وأحاطت بهم الحشود في مشهد مؤثر، جرّاء ملامح البهجة التي ارتسمت على وجوه آباء الشهداء، وطلبهم التهاني بدلاً عن التعازي. وفي موقع صلاة الجنازة؛ أبّن إمام جامع الإمام الحسين السيد علي السيد ناصر السلمان الشهداء الأربعة، أشاد فيها بالعمل البطولي الذي أدّاه الشبّان وعملهم الفدائي وتصدّيهم بأجسادهم للإرهابي الداعشي في سبيل الله وحماية لأراوح المصلين الذين كانوا داخل الجامع أثناء خطبة الجمعة. ثم أمّ السلمان المصلين، وبعدها حُملت الجثامين فوق مركبة مكشوفة، لتسير وسط الحشود الغفيرة نحو المقابر، بدءاً من شارع الملك عبدالعزيز بمدينة سيهات، اتجهت الحشود بالجثامين نحو شارع مكة ومن ثم إلى موقع المقبرة الجديدة، وساروا قرابة 2.5 كيلو متر. واستغرقت أعمال التشييع قرابة 3 ساعات، قبل أن يُوارى الشهداء الثرى. ونجحت مسيرة التشييع بفضل تفهم الحشود الغفيرة وتعاون استثنائي بين اللجان المنظمة والدوريات الرسمية والسرية التي أمّنت مسار التشييع منذ وقت مبكر، ونفذت خططها الأمنية تنسيقاً مع آلاف المتطوعين الذين ساهموا في تنظيم حركة الدخول عند جميع منافذ المدينة ومحيط موكب التشييع. ووري جثامين الشهداء الأربعة عبدالجليل جمعة طاهر الأربش ومحمد جمعة طاهر الأربش وهادي سلمان عيسى الهاشم ومحمد حسن علي العيسى، الثرى في مقبرة الشهداء وهي المقبرة التي تم السماح مؤخراً لأهالي الدمام بدفن موتاهم فيها. وردد المشيعون عبارات منددة بالإرهاب، ورافضة أشكال العنف والتحريض الطائفي في مواقع التواصل وبعض الصحف والقنوات الفضائية، خاصة أن التشييع تزامن مع إعلان وزارة الداخلية قائمة المطلوبين لديها، التي أكدت أن الجهات الأمنية ستواصل جهودها في ملاحقة وتعقب كل من له صلة بهذا العمل الإجرامي ممن سلموا عقولهم لشعارات وإملاءات جهات لا تريد الخير بالوطن والمواطنين وتسعى إلى نقض عرى الأخوة والقربى التي سادت مجتمعنا منذ عهد المؤسس عبدالعزيز، رحمه الله.