لا يمكن لنا تجاوز النص الشعري دون التوقف عند كاتبه. فالنص والشاعر يمثلان وحدة لا يمكن تجزئتها مهما ابتغينا. وهذا يحيلنا إلى تدوير السؤال الختامي في المقال السابق عن قيمة النص وطرحه كالآتي: ما قيمة الشاعر حين يتم تقييمه عن طريق استغلال واستغفال الوعي العام؟ كل مشارك في أمير الشعراء مستغل ومستغفل بالضرورة. فالنص الأدبي بمفهومه الحديث هو الممثل الأول لحرية الكاتب وآرائه ورؤاه ولغته وخياله وفلسفته الخاصة، ووعيه الإنساني. كيف يكون الكاتب حرّاً ممثلاً ذاته حينما يحدد ويقنن ويسجن في الإطار الساذج الذي تحدده «لجنة التحكيم»؟ وما قيمة التعابير المطروحة -شعراً- إن افتقدت جوهرها الخاص؟ مع الأسف يسعنا القول إن كل مشارك في برنامج أمير الشعراء -وما يشابهه- حوّل نفسه إلى سلعة سوقية كما هو نصه. وكل سلعة بالضرورة ترضخ لمعايير السوق ومتطلبات المستهلك، هكذا ننتقل لثنائية تبادلية من الاستهلاك والاستغفال البشري ما بين المشاركين والجمهور، فماذا تبقى لنا من قيمة أدبية/ إنسانية إن تم تحويل النص وكاتبه وجمهوره إلى سلعة تخدم تسويق البرنامج لا أكثر؟ هذا يحيلنا إلى نقطة أساسية: ما هدف المشاركين من المسابقة إن لم يكن الرضوخ لمنال الجائزة؟ وهنا لا اختلاف بين المسرح وبلاط السلطان، فالحاضر في كلاهما يسعى للارتزاق لا أكثر، مما يعطينا تعبيرا واحدا وموجزا يسمى ب «برامج الانحطاط الأدبي». وللآن، إلى أين؟