من الضروري التوقف قليلا وإسكات الماكينات الإعلامية وطرح سؤال مهم جداً: ماذا قدّم برنامج أمير الشعراء – وما يشابهه – إلى الأدب العربي الحديث؟. ربما يستنكر بعضٌهم طرح هذا السؤال في مثل هذا الوقت، غير أنّ ما وصلنا إليه من خلال هذه البرامج يستحق وصفه ب «الانحطاط الأدبي». وليس من المبالغة القول أنّ ما تقدمه هذه البرامج ينطلق من رؤية آيديولوجية للأدب عامة وللشعر خاصة. عودة إلى القديم للتشبث، لا للرقي في النص ووضعه في موقعه ورؤيته الحديثة. فشتان ما بين الفكر والعلوم والتطور الفني الذي وصل له العالم، وما تقدمّه هذه البرامج من مادة ومفاهيم تجمّد الوعي الفني والأدبي. يسعنا التوقف أولا عند الشروط التي تؤهل لتقديم النص والمشاركة. من ثم الانتقال إلى ما يشترطه وما يقيّم عليه لجنة التحكيم النص المشارك. أيضاً، لننظر إلى المنهج الذي بني عليه البرنامج ونظام التأهل والتنافس والفوز. فلا تختلف تصفيات كرة القدم عن أمير الشعراء إلا بكون الأولى أفضل من الثانية منهجيا، كونها تسمح للمتنافسين الفوز بمجهودهم البدني والفني. بينما الثانية تقوم على التصويت المستهلك والمزاجية والوساطة والوجاهة. والأمر الأشد خطورة: تحويل الشعر إلى سلعة متداولة ما بين وسائل الإعلام وشركات الاتصالات، إضافة للقيمة الربحية التي يمكن التلاعب بها عن طريق تأهيل منافسين من بلدان تقوّم الدعم الجماهيري المطلوب للمدخول الربحي. فما قيمة نص شعري يتم تقييمه عن طريق الاستهلاك والاستغفال للوعي العام؟.