“ألو .. مكافحة المخدّرات؟ أبي أبلّغ عن واحدٍ بَهْ بلا شفتَهْ يضحَك في خريص”! العبارة السابقة أصدقُ رسمٍ كاريكاتيريّ يُلخِّص أزمة الازدحام المروري القاتلة! فكيف تضحكُ مع عِظَم الضَّجَر؟! سيرُ السيارات فوق بعضها في ازدحامٍ معتادٍ، والهربُ من بردِ البلاد القارس “ظهراً” وقيظِها المشهُودِ “ليلاً”، وضَجَرُ المتسوّلين، لن يشفيك -بعد الله- إلا أن يَسخُنَ دماغُك وأنت تستمع -في السيارة- لبرنامج “الثانية مع داود”! وُفّق الإعلامي الكبير داود الشّريَان في اختيار توقيت البرنامج؛ حيث لا تستمع للرّاديو إلّا في السيارة، في دقائقَ تَسرِقُها في طريقك لدوامك صباحاً، أو وقتَ الخروجِ ظُهراً وهو وقتُ البرنامج. وُفّق أكثر حين استفزَّ المستَمعين ليُخرِجُوا (حَرّتَهم) من المسؤولين في عزّ الظهيرة وفي السيارة، ووسط الزحام! لا كما يكون المزاج رائقاً مع البرامج المسائية بجوار الأحباب وأمام ما لذّ وطاب! يُحاوِل استثارةَ حفيظةِ المسؤولِ الُمتقاعِسِ قبلَ المستَمِع المُتَداخِل! عن نفسي كنتُ أصِل البيت وأظلّ في السيارة كالأحمق فاغرَ الفاهِ من هول ما أسمع من مشكلاتٍ وقضايا حسّاسة خطفت المستَمِع أكثر مما أشغلتهُ أعمدةُ الكُتّاب! بعد اليوم لن أستمع للبرنامج تخفيفاً على نفسي، وأقترحُ على داود -حِرصاً على سلامة المستمعين- إيقافَ برنَامَجِه الجريء، أو على الأقل مراعاة التوقيت! أقول له بالعامّية “يرحم والديك! كفانا جدّية، لا تقلّب المواجع أكثر”. تذكّرت أستاذنا الساخر (محمد السحيمي) حين ذكر أنه يغار من رسّامِي الكاريكاتير لإيصالهم الفكرة أسرعَ وألمعَ من بعضِ الكُتّاب، وأيقنتُ أنّ بطل الكاريكاتير أعلى المقال كان يستمع للبرنامج ومن شدّة الألم فهو يضحك!