اتفقت آراء مشايخ، وناشطين اجتماعيين وأكاديميين ومحامين وغيرهم على أن التطرف بشتى أنواعه؛ الفكري والديني والسلوكي مرفوض جملة وتفصيلاً، حتى لا يؤدي إلى زعزعة أمن الوطن واستقراره، فيما اختلفوا حول آلية محاربة هذا التطرف والحد من خطورة الآراء المتشددة والغلو لدى البعض. وفيما دعت أصوات إلى تشكيل هيئات متخصصة للقضاء على الفكر المتطرف والأفكار الهدامة، دعا آخرون إلى إنشاء لجنة مناصحة في كل منطقة من مناطق المملكة، على غرار لجنة المناصحة الموجودة في الرياض، فيما نادى فريق ثالث بإنشاء هيئة عليا للوحدة الوطنية، لتعزيز اللحمة بين أفراد المجتمع.. جميع الآراء نوجزها في هذا الحيز.. أكد الشيخ عبدالرحمن آل رقيب رئيس محكمة الاستئناف في المنطقة الشرقية أن «الدين الإسلامي ينبذ كل أشكال التطرف، سواء كان تطرفاً فكرياً أو دينياً أو سلوكياً، لأن ممارسة هذه التصرفات الإجرامية قد تؤدي إلى ضياع الحقوق والممتلكات». وقال: «على جميع أفراد المجتمع الوقوف يداً واحدة ضد من يحاول أن يزعزع أمن واستقرار الوطن، أو النيل من مكتسباته من خلال نشر الأفكار الهدامة التي تخالف عاداتنا وقيمنا التي تربينا عليها، ويكون ذلك من خلال اللحمة الوطنية بين أفراد الشعب وقيادته بغض النظر عن الانتماءات الدينية أو العقائدية». وأشار آل رقيب إلى أن «الاعتدال والوسطية في التصرفات والأفكار وعدم التشدد في الآراء أمر مطلوب، لذا ينبغي على الجميع أن يتسموا بالتسامح فيما بينهم، حتى ولو كانت هناك أمور قد نختلف فيها، يجب أن يكون هدفنا هو الحفاظ على مقدرات الوطن والوقوف أمام من يحاول النيل منه». وطالب آل رقيب في حديثه جميع أرباب الأسر بنشر ثقافة التربية الصالحة في أذهان الأبناء والشباب، كما طالب أهل العلم والأكاديميين بالتحلي بالمنهج الوسطي، وإعطاء الحق، ورفع الظلم عن المظلوم والابتعاد عن الأفكار المتطرفة والفتن والمشكلات». وطالب الدكتور سامر الحماد مدير الجامعة العربية المفتوحة بتأسيس لجنة داخلية في المنطقة الشرقية، تعنى بالمناصحة ونبذ التطرف على غرار لجنة المناصحة المعنية بالسجناء والعائدين من مناطق النزاع، ومقرها مدينة الرياض. واشترط الحماد أن يترأس هذه اللجنة أمير المنطقة الشرقية، وأعضاء من الجامعات وإدارة التربية والتعليم وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقوم هذه اللجنة بعقد لقاءات شهرية عبر حلقات نقاش، يشارك فيها جميع أطياف المجتمع. وأشار الحماد إلى «ضرورة تفعيل منهج التربية الوطنية في أذهان طلاب المرحلة الابتدائية من خلال التركيز على نبذ الغلو والتطرف والحذر منه، وعدم الانجرار وراء هذه الأفكار الهدامة، ويكون بصيغة بسيطة تجذب الأطفال». وذكر الحماد أن «من ينتهج الفكر المتطرف، تجده يؤثر على نوعية معينة من الناس، خاصة صغار السن أو الذين لا يملكون الخبرة والتجارب الحياتية، ما يمكنهم من مواجهة هذا التأثير من خلال دس بعض الأفكار السامة في عقولهم، والتي تكون في الغالب تكون في إطار أجندة، أو الزج بهم في أمور لا يعلمون تأثيراتها على مجتمعهم». وقال المحامي أحمد التويجري إن «جميع الأديان السماوية والقوانين والأنظمة الدولية تحارب التطرف والمملكة لا تحتاج إلى إصدار قوانين ضد التطرف، فلدينا أنظمة وقوانين كفيلة باقتلاع التطرف من جذوره، فالدولة قد شرعت خلال السنوات الماضية القليلة قوانين تحافظ على استقرار المجتمع السعودي من هذا الفكر المنحرف». وتابع «توجد في مجتمعنا منظمات سرية مدعومة من الخارج، وهؤلاء تجدهم يحرضون على التطرف والفكر المنحرف، الذي أفسد السلوك والعواطف والفكر، ولكن الدولة لديها الاستعداد لمواجهة هؤلاء مهما كانت توجهاتهم الفكرية». وأشار التويجري إلى أنه «يجب على جميع الجهات الرسمية القيام بواجبها تجاه المحافظة على استقرار أمن الوطن والمحافظة على مكتسباته من خلال نشر مفهوم الاعتدال ونبذ التطرف والعصبية في أذهان الشباب». وعن التطرف والغلو، قال مفلح القحطاني رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان إن «هناك بعض الشباب الذين ابتلوا ببعض الأفكار المنحرفة، وألحقوا الأذى بأسرهم، وبالتالي قد أنعكس ذلك على دولهم، وهذا بلا شك يعطي مؤشرا خطراً، لهذا ينبغي على كل شخص وقع في هذا الطريق ان يراجع نفسه، وأن يرى ان المصلحة العليا تكمن في المحافظة على المجتمع الذي ينتمي إليه». وبيَّن القحطاني أن «الفراغ قد يجر الشباب إلى ممارسة سلوكيات خاطئة، ولهذا نحتاج إلى إنشاء نوادٍ رياضية داخل الأحياء، تضم جميع الشباب، ويشرف عليها عدد من المتخصصين سواء مشرفين وموجهين ومدربين، على أن تُصرف رواتب شهرية لهؤلاء، كتحفيز على ما يبذلونه من جهد تجاه الشباب والنهوض بهم». وأضاف القحطاني أن «مركز الأمير محمد للمناصحة للموقوفين والسجناء الذين تم التغرير بهم هو أحد المراكز التوعوية التي تجني المملكة ثمارها حالياً، وقد أظهرت نتائج إيجابية تجاه الحد من ممارسة هذه الأعمال، ونشر الفكر المعتدل، ولهذا فقد استعان عدد من الدول بالآليات والإجراءات التي يتبعها المركز». وطالب القحطاني الجهات التربوية والدعوية ومنابر المساجد وحتى الرئاسة العامة لرعاية الشباب بأن تقوم بدورها بالشكل الذي يتوافق مع توجهات الحكومة من خلال التنسيق فيما بينهم بتشكيل لجنة عليا تتخذ من الشريعة الإسلامية قوانينها، على أن تتماشى مع الأنظمة والتعليمات التي حددتها الحكومة لمحاربة التطرف. وأضاف القحطاني أن «دور هذه اللجنة، هو رسم الآليات والأطروحات حتى يستطيع المجتمع أن يجني ثمار هذا العمل، على ألا نقع في المحظور الذي قد يلحق الضرر ببلادنا». وأشار القحطاني إلى أن هذه اللجنة سترسم الخطوات التي قد نستطيع من خلالها محاربة التطرف وحماية الوطن ومناقشة الفتاوى التي تحتاج إلى إيضاحات، فلو كان هناك تنسيق فيما بينهم لاستطعنا التغلب على هذه الجوانب التي تفشت في مجتمعنا». وقال استشاري أول تشوهات القلب الخلقية وعضو المجلس العلمي الاستشاري لمعهد رياضيات القلب في كالفورنيا الدكتور عبدالله العبد القادر إن»التشدد الديني بغرض التخريب مرفوض على مستوى الأفراد والدول، وطالما أننا أمة مرجعها الإسلام، وهو دين الوسطية، علينا إذاً أن نتمسك بهذه المبادئ». وأضاف «نحن في المملكه العربية السعودية، وبقيادة خادم الحرمين الشريفين، نفتخر بوسطيتنا، على الرغم من التحديات التي تواجهنا من بعض الأفكار التي تحاول أن تزعزع أمن واستقرار هذا الوطن الكبير برجاله». رأى المستشار والناشط الاجتماعي عبدالعزيز الحسن أن «التطرف حالة من التوتر النفسي الذي يصيب بعض الأشخاص، وبالتالي يؤدي إلى انهيار القيم والأخلاق، ويؤجج افتعال المشكلات». وقال: «يجب على الذين يحملون الفكر المتطرف الرجوع إلى الثقافة الإسلامية التي تحث على الأخوة الإنسانية، ونبذ التعصب الذي قد ينعكس على وحدتنا الوطنية». وأشار الحسن إلى أن على وزارة التربية التعليم نشر فكر الوحدة الوطنية والرجوع للإنسانية في مناهجها الدراسية، والبعد عن الاختلاف بين الناس، والتركيز على القواسم المشتركة في الوطن الواحد، وكذلك على وزارة الشؤون الاجتماعية أن تدعم الجمعيات المدنية والترخيص لها، التي لها علاقة بتنمية الولاء للوطن وتحفيز التنمية المستدامة». ودعا الحسن إلى تأسيس هيئة عليا للوحدة الوطنية، تحارب التطرف، وتقضي على آثارة السلبية في المجتمع، وتدعم الفكر المعتدل والوسطية». وقال: «يجب أن تنبثق من هذه الهيئة لجان متخصصة، يديرها أشخاص من نخب المجتمع لوضع الحلول والدراسات المناسبة مع وجود سلطة تشريعية وتنفيذية لهذه الهيئة لخدمة المجتمع والوطن».