من أجل تحقيق فاعلية أكبر وعلى نطاق أوسع يتعين على منشآت القطاع الخاص أن تهتم بنسج خيوط الشراكة بينها وبين المجتمع عبر تدعيم مبادراتها في المسؤولية المجتمعية وتحسين جودة أنشطتها الاجتماعية والبيئية والمساهمة بفعالية في التنمية المستدامة. تتمثل المشاركة المجتمعية بصفة عامة عبر إسهامات ومبادرات معنوية أو مادية تستهدف كل أو بعض أطراف المجتمع أو البيئة المحلية من خلال أعمال ومشاريع المسؤولية المجتمعية للشركات التي تتطلب تعاوناً وشراكات بين مختلف الأطراف وتبادل الخبرات وتعزيز عناصر الضعف والاستفادة من عناصر القوة لدى الآخرين. ويتسع هذا المفهوم أكثر ليشمل التنسيق والتكامل لبناء شراكات قوية وفاعلة بين جميع القطاعات العاملة في خدمة المجتمع والبيئة للمساهمة في تحقيق تنمية مجتمعية مستدامة التي يتوجب أن تشمل جميع الجهات الحكومية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة والمجتمع ذاته عبر تحقيق التعاون والتلاحم وبناء جسور من العلاقات والثقافات والمفاهيم المشتركة والتبادلية التي تهتم بالارتقاء والنهوض بالمجتمع وتفعيل الدور الذي تسعى إليه الجهات المختلفة عبر مسؤوليتها المجتمعية. إن إسهام أبناء المجتمع تطوعياً في الجهود التنموية والمساهمة في حث الآخرين على المشاركة وتذليل العقبات أمام المبادرات تساهم كلها في تحقيق أعلى نسبة من النجاح لأي مبادرة وتحقق تنمية حقيقية للمجتمع فضلاً عن الارتقاء به، فتحقيق التعاون والتكامل بين القطاعات المختلفة وأبناء المجتمع أمر في غاية الأهمية لا سيما أن هذه المشاركة تساهم في تعزيز شعور الانتماء وتنمية روح العطاء وحب العمل التطوعي فضلاً عن تحقيق الجودة فى الأداء، والإسهام في تحويل أبناء المجتمع إلى قوة منتجة. وحتى تنجح هذه الشراكة يتوجب الاهتمام بالبحوث والدراسات الميدانية التي ترصد احتياجات المجتمع وتحدد المناطق الأكثر احتياجاً وتقترح المشاريع والمبادرات الأنسب مع ضمان التفاعل الإيجابي من وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والقطاعات الحكومية والتكامل مع منشآت القطاع الخاص ودمج فئات المجتمع فعلياً لإحداث شراكة مجتمعية حقيقية وفق استراتيجيات عمل واضحة. إن تبني ثقافة الشراكة مع المجتمع في مبادرات المسؤولية المجتمعية لا يقتصر أثره الإيجابي على المجتمع فقط بل يعود بالفائدة على الشركات الرائدة نفسها، بدءاً بجمهورها الداخلي من خلال خلق قيم الولاء والاحترام والتقدير لديهم نظير ما تقدمه الشركة لخدمة المجتمع والبيئة فضلاً عن اعتزاز أبناء المجتمع بهذه الشركة نظير دورها الإيجابي المهم. فالمسؤولية المجتمعية تهدف لتحقيق التكامل للنهوض بالمجتمع وكافة مؤسساته وليست مجرد تحقيق أهداف شخصية أو أمجاد إعلامية، بل يجب أن تكون الشركات جزءًا لا يتجزأ من المجتمع وتصبح مبادراتها واقعاً ملموساً يترجم عبر برامج وأنشطة مؤثرة تحقق جميع التطلعات لخدمة المجتمع ذاته ورعاية الإنسان والبيئة.