واصل تنظيم «داعش» تقدمه البطيئ داخل مدينة عين العرب السورية «كوباني» وبات يسيطر على أكثر من ثلث المدينة، وهو ما اعتبرته واشنطن على لسان وزير الخارجية جون كيري مأساة. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، أمس إن مدينة عين العرب تشهد اشتباكات عنيفة للغاية منذ مساء أمس الأول تمكن خلالها «داعش» من تحقيق مزيد من التقدم فاحتل مبنى الأسايش (الأمن الكردي) في شمال شرق المدينة وبات يسيطر على أكثر من ثلث «كوباني» (كل المناطق الشرقية، وجزء صغير من الشمال الشرقي ومنطقة في الجنوب الشرقي). وقُتِلَ ليل الأربعاء القيادي في الأسايش، سيدو جمو، خلال المعارك العنيفة قرب ما يعرف ب «المربع الأمني الحكومي»، بحسب المرصد الذي لفت إلى صعوبة الحصول على أعداد القتلى والمصابين بسبب استمرار المعارك وصعوبة الاتصالات. وسقط جمو مع عدد من عناصره خلال المعركة، كما قُتِلَ عدد كبير من المقاتلين في الطرفين. وقال رامي عبدالرحمن إن «حرب شوارع تدور في المدينة، ويقاوم مقاتلو وحدات حماية الشعب بشراسة في مواجهة آليات وسلاح متطور يملكه التنظيم»، مشيراً إلى أن «التقدم يبقى بطيئاً نتيجة هذه المقاومة وبسبب الغارات التي ينفذها طيران التحالف العربي الدولي». وسجلت صحفية على الجانب التركي أربع ضربات جوية أمس استهدفت اثنتان منها موقعاً في جنوب غرب كوباني، حيث ارتفعت سحابة من الدخان الكثيف كما كان تبادل إطلاق النار بين مقاتلي «داعش» والمسلحين الأكراد مسموعاً. وكان المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، قد حذر الأربعاء من أن الهجمات الجوية «لن تقدم حلاً لإنقاذ مدينة كوباني». وقال «لإلحاق الهزيمة بالتنظيم المتطرف يجب أن تكون هناك جيوش قادرة، معارضة سورية معتدلة أو الجيش العراقي، لكن هذا يتطلب وقتاً». وزاد المتحدث «لكن ليس لدينا في الوقت الحالي شريك متطوع قادر وفعال على الأرض داخل سوريا، إنها الحقيقة». في السياق نفسه، قال رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، الجنرال مارتن ديمبسي، في تصريح لشبكة «إيه بي سي» الأمريكية «نحن نضرب حين يمكننا ذلك»، ووصف الجهاديين ب «عدو يتعلم ويعرف كيف يناور وكيف يستخدم السكان وكيف يتخفى (…)، لذلك عندما نرصد هدفاً نضربه». واعتبر ديمبسي أن الجهاديين «أصبحوا أكثر مهارة في استخدام الأجهزة الإلكترونية» وهم «ما عادوا يرفعون أعلامهم ولا عادوا يتنقلون في أرتال طويلة كما كانوا يفعلون في السابق، هم لا يقيمون مقرات قيادة يمكن رؤيتها وتحديدها». وفي أنقرة، رأى وزير الخارجية التركي، مولود جاوش أوغلو، أن «من غير الواقعي التفكير بأن تنفذ تركيا لوحدها تدخلاً عسكرياً برياً ضد تنظيم الدولة الاسلامية». وقال الوزير التركي للصحفيين في ختام لقاء مع الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ في أنقرة «من غير الواقعي التفكير بأن تشن تركيا لوحدها عملية برية». ومنذ مساء الإثنين الماضي، تشهد تركيا تظاهرات عنيفة لأكراد يطالبون الحكومة التركية المحافظة بالتدخل عسكرياً لمنع سقوط كوباني. وأوقعت هذه الاضطرابات 22 قتيلاً على الأقل وعشرات الجرحى، وتسببت في أضرار مادية كبرى بحسب آخر حصيلة جمعتها وسائل إعلام تركية. ورغم حظر التجول، الذي فُرِضَ الأربعاء في ست محافظات تركية ذات غالبية كردية، تواصلت الاضطرابات ليل أمس الأول في عدة مدن بين الشرطة والمتظاهرين الأكراد. وأعطى البرلمان التركي قبل أسبوع موافقته الرسمية على عملية عسكرية تركية ضد المتطرفين في العراقوسوريا، لكن الحكومة رفضت المشاركة حتى الآن خشية أن يعزز التدخل ضد «داعش» نظام بشار الأسد الذي تطالب بإسقاطه. وكانت الولاياتالمتحدة قد عبرت عن استيائها من تردد تركيا في مكافحة «داعش». وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، جنيفر بساكي، إن «واشنطن تعتقد بوضوح أن بإمكان الأتراك القيام بالمزيد»، لكنها أقرت بأن أنقرة لديها «مصادر قلق خاصة بها» في إشارة إلى ملف القضية الكردية الذي تواجهه منذ عقود. وفي إطار محاولتها إقناع تركيا المترددة بالمشاركة بشكل كامل في المعركة ضد المتطرفين، أوفدت الإدارة الأمريكية أمس إلى أنقرة منسق التحالف الدولي الجنرال المتقاعد جون آلن، ومساعده بريت ماكغورك. وفي حال تمكن «داعش» من السيطرة على «كوباني» فسيخوله ذلك السيطرة على شريط طويل من الأراضي على الحدود السورية – التركية. ومنذ بدء هجوم التنظيم على المدينة في 16 سبتمبر الماضي، قُتِلَ في المعارك أكثر من 400 شخص غالبيتهم من المقاتلين من الطرفين، بحسب المرصد السوري. كما نزح أكثر من 300 ألف شخص بينهم أكثر من 200 ألف إلى تركيا.