لم يعد يقتصر استقبال المولود الجديد على تقديم الحلويات للضيوف وترتيب المنزل، بل تعدى ذلك إلى استئجار سيارات فارهة تنقل الأم وطفلها من المستشفى إلى المنزل، واستئجار طاقم ضيافة بالكامل يشرف على خدمة الضيوف، فباتت المباهاة سمة بارزة بين النساء، وجميعهن يجتهدن كي يبدون في أفضل حلة. «الشرق» سألت بعض النساء عن هذه المظاهر الجديدة، حيث تقول أم ماجد إنها حضرت قبل أشهر حفل استقبال مولود في أحد فنادق ال 5 نجوم، وأضافت «تفاجأنا جميعاً بما يحدث في حفل الاستقبال، فلا تدري أهي حفلة مولود أم حفل زفاف؟، إضافة إلى المبالغة في الضيافة، حيث تكبدوا كثيراً من المصاريف ليظهر الحفل بهذا الشكل، وكله من أجل أن تتباهى الأم بين جاراتها وقريباتها». وتؤكد أم صالح أنها وضعت مولودها الأول قبل شهرين، وقد أقامت حفلاً كبيراً لاستقباله، فيما قام زوجها بفرش المنزل بأثاث جديد، وخصص غرفة لها وللطفل، كما أنه نقلها من البيت للمنزل عبر سيارة فارهة، كان قد استأجرها لهذا الغرض، مبينة أنها كانت سعيدة جداً، وشعرت بحب زوجها لها من هذا التصرف، وأضافت «أنصح جميع الأزواج أن يخططوا مسبقاً لاستقبال مواليدهم، فهذا سيسعد الزوجة حتماً». فيما قالت سمية أحمد إن حفلات استقبال المواليد أصبحت منتشرة بكثرة بين أوساط النساء، فحفلات الزواج لم تعد تختلف عنها في شيء، فتلك فيها ولائم وهذه فيها أكبر من الولائم، وترى سمية أن هذه الظاهرة فيها كثير من الإسراف والتبذير، مضيفة «هناك أناس يتضوَّرون جوعاً ولا يجدون قوت يومهم، بينما يقوم هؤلاء المتباهون بدفع أموالهم فيما لا ينفع، من أجل المفاخرة فقط». وتشاركها الرأي منال محمد، مشيرة إلى أن هذه المظاهر مبنية على باطل وليست من الدين الحنيف، لأن الإسلام أمرنا بعدم التبذير والإسراف، لقول الله تعالى {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين}. وبيَّنت سارة عبدالله أن التجهيز لاستقبال المولود يتم قبل ولادته بأشهر، من خلال ترتيب الغرفة التي سيكون فيها والأم بالزهور والبالونات، وتنسيق الألوان بحسب جنس المولود، وشراء ملابس للأم والطفل، إضافة إلى شراء الأواني بحيث تتناسق مع ديكور الغرفة، وشراء التوزيعات للضيوف، من عطور وحلويات وقطع تذكارية. مشيرة إلى أن أغلب النساء يصوِّرن جميع هذه المظاهر ويضعنها على حساباتهن على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة «الأنستغرام» متفاخرات بما لديهن. إلى هنا، أكد مستشار التنمية البشرية الدكتور عبدالله سلمان اليحيى أن هذه الظواهر لها عيوبها، فهي صورة من صور التبذير والإسراف، كما أنها توحي بالتعاظم على الآخرين، وقد تشعل الحسد في نفوس من لا يستطيعون إقامة مثل هذه الحفلات لضعف حالهم المادي، أو المحرومين من إنجاب الأطفال، وإظهار النعم والتحدث بها لا يكون بهذه الطريقة الجارحة لمشاعر الفقراء، التي لا تخلو من المفاخرة غير المرغوب فيها بين الناس، بل الأولى أن تقام «العقيقة الشرعية» احتفاء بالمولود الجديد. وأكد أن سبب انتشار هذه الظاهرة هو نفس سبب انتشار عادات الزواج المتكلفة من غلاء المهور وما شابه ذلك، وهو يرتبط بحب الخيلاء والاستعراض، ولو انتشرت هذه الظاهرة بكثرة سيصعب وضع حد لها، فكل سيدة ستنجب ستفضِّل أن تكون أفضل من جاراتها في استقبال المولود، ناهيك عمَّا سيتبع ذلك من مظاهر إسراف وتبذير وضغط على الزوج. وأضاف «علينا أن نعالج الظاهرة بالتوعية ورفع المستوى الفكري لأبنائنا، ليتحولوا من مجرد مستهلكين إلى مستثمرين يدركون قيمة المال وأثره في الحياة». من جانبه، أوضح منسق الحفلات نايف الغامدي أن أغلب ترتيبات حفلات استقبال المواليد تقام في المستشفى، من خلال ترتيب غرفة الأم وتنسيق سريرها وسرير طفلها، وعادة ما تكون مدة استقبال الضيوف في المستشفى من يومين إلى ثلاثة أيام، وهذا يخفف عبء استقبال الضيوف في المنزل، مشيراً إلى أن أسعار تنسيق الغرفة تبدأ من 5 آلاف ريال إلى 10 آلاف ريال كحد متوسط. وقال «بدورنا كمصممين نأخذ الفكرة من الزبون ونطبقها مع قليل من الإضافات الاجتهادية، ونحن حريصون جداً على إرضاء الزبائن، فهذا سيعكس سمعة المصمم، وسيزيد من إقبال الزبائن على تصميماته».