60 مشروعاً متعثراً لدى وزارة الصحة بقيمة 4 مليارات ريال سوف يتم سحبها من المقاولين وإسنادها لشركة أرامكو السعودية، وتتنوع هذه المشاريع بين إنشاء مراكز صحية ومراكز أسنان وتأثيث مستشفيات وحتى ثلاجات موتى. هذا هو ملخص الخبر الذي نشرته الصحف المحلية الأسبوع الماضي. والسؤال البديهي هنا لماذا تلجأ وزارة الصحة وهي التي تملك إدارة كبيرة للمشاريع وعدداً لا يستهان به من المديرين والمهندسين إلى شركة أرامكو غير المتخصصة في المجال الصحي لتنفذ لها تلك المشاريع المتعثرة؟ هل فقدت الوزارة ممثلة في وزيرها المكلف الثقة في إدارة المشاريع داخل الوزارة فقررت إسناد مسؤولية تلك المشاريع إلى جهة خارجية كما فعلت من قبل في إسناد إدارة مستشفياتها لكوادر من خارج الوزارة و تسليم خطط ومشاريع مختلفة لشركات أجنبية؟ أم إن رغبة الوزير المكلف في إنجاز سريع وحاسم جعلته يلجأ للحل السحري المتمثل في أرامكو التي لم تخيب الظن في أي مشروع أسند لها ؟. و لعل تجربة ملعب الجوهرة في جدة وإنجازه في زمن وجيز مقارنة بملعب رعاية الشباب الذي أغلق قبل البدء في إنشاء الجوهرة وظل متعثراً حتى اليوم تظل ماثلة في ذهن أي مسؤول يناقش مدى كفاءة وسرعة أرامكو في الإنجاز. حسناً لنفترض أن أرامكو أنجزت تلك المشاريع ال 60 في غمضة عين وسلمتها لوزارة الصحة في أجمل صورة، ماذا عن العام القادم والذي يليه؟ ماذا عن المشاريع التي ستقرها في ميزانياتها المقبلة؟ ماذا عن مشاريع التوسعة والصيانة والتشغيل؟ هل ستظل تلجأ لأرامكو في كل عام لتسند إليها حزمة مشاريع جديدة؟ وهل ستصبح أرامكو هي المقاول الحصري لوزارة الصحة؟ ما يعرفه معالي الوزير المكلف جيداً وكل مسؤولي الوزارة من خلفه أن تعثر المشاريع يعود في سببه الأول إلى النظام العتيق والمعقد الذي تدار به عملية طرح المناقصات وترسية العقود وصرف الدفعات. نظام وزارة المالية المفروض على كل القطاعات الحكومية (ما عدا أرامكو) هو السبب الرئيس في تعثر تلك المشاريع الذي أصبح ظاهرة منتشرة في كل الوزارات وليس وزارة الصحة وحدها. نظام البحث عن العطاء الأرخص، والترسية على مقاولين غير مؤهلين والتأخر الكبير في صرف الدفعات والإجراءات البيروقراطية المهولة كلها معوقات تؤدي إلى تأخر وسوء تنفيذ المشاريع الحكومية وتفتح باباً خلفياً للفساد تصعب معالجته أو التخلص من آثاره. قد يكون إسناد مشاريع الصحة المتعثرة لشركة أرامكو خطوة جيدة حالياً لدفع عجلة الإنجاز في الوزارة، لكنها بالتأكيد خطوة قصيرة المدى ولن تحل مشكلات الوزارة الحقيقية التي تحتاج قبل كل شيء إلى إعادة هيكلة إدارية شاملة في مجال المشاريع وغيرها بحيث تتخلص من العوائق البيروقراطية التي أوصلتها إلى مرحلة الاستعانة بالغير، ودون حل تلك العقد التنظيمية في هيكل الوزارة فإن كل الحلول الخارجية ستظل طارئة وغير مؤثرة بل وربما زادت من تعقيد المشكلة على المدى البعيد!