ما يلفت الانتباه في ما يجري في الشرق الأوسط من تطورات تعتبر الأخطر في تاريخ المنطقة منذ انطلاق ما يسمى بالربيع العربي وظهور تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، ليس فقط سرعة ظهور وانتشار هذا التنظيم الإرهابي وإعلانه عن دولته وحسب، بل وموقف الغرب وإعلامه منه. فالموقفان الأوروبي والأمريكي الرسميان يعتبران تنظيم «داعش» إرهابيا ويصفان زعيمه أبو بكر البغدادي بأنه الشخص الأكثر خطرا في العالم كما تقول الحكومات الغربية وأجهزة استخباراتها، لكن يبدو أن الكلام شيء والأفعال شيء آخر، فالدول الغربية والمجتمع الدولي لم تحرك ساكنا تجاه هذا التنظيم الإرهابي، تحت حجج وذرائع بعيدة عن القيم الأخلاقية والقانون الدولي، وذهبت بعض الدول الغربية إلى اتخاذ مواقف فاضحة في رفضها تسليح القوى التي تواجه «داعش» بشكل حقيقي، كما أن الغرب والمجتمع الدولي لم يتخذوا أي إجراء تجاه إعلان البغدادي دولته التي يعمل على تقويتها وتوسعيها على حساب مستقبل السوريين والعراقيين وأخيراً لبنان، ولم يتخذ الغرب وعلى رأسه أمريكا أي قرار لتجفيف مصادر سلاح هذا التنظيم، واتخاذ إجراءات صارمة بحق أنظمة طهران وبغداد ودمشق التي أوجدت «داعش». الإعلام الغربي الذي يدعي الاستقلالية والموضوعية والحيادية يتناغم مع سياسيات وحكومات الغرب ويروج هو الآخر لتنظيم «داعش»، والمراقب لما تنشره وكالات الأنباء والمحطات الفضائية يرى أن هذه الوسائل الإعلامية تسهب بنقل ليس تصرفات «داعش» وحسب بل وتفاصيل بياناته وأخباره، وتعتمد على مصادر مشبوهة تروج لأخبار «داعش»، وذهبت بعض الوسائل الإعلامية الغربية إلى أبعد من ذلك بنشرها خارطة تحدد المناطق التي يسيطر عليها «داعش» لا تعكس حقيقة الواقع على الأرض، وهذا ما يثير كثيرا من التساؤلات حول الدور الغربي في ظهور «داعش» والدور المنوط به، كما يثير علامات استفهام كبيرة حول حيادية وموضوعية الإعلام الغربي!