مع اقتراب موسم الحج، تهفو القلوب إلى مكةالمكرمة، وتنبض الأرواح شوقًا إلى رحلة العمر التي يجتمع فيها الجسد والروح في أسمى معاني الطاعة والخضوع لله. الحج ليس مجرد شعيرة يؤديها المسلم، بل هو محطة إيمانية فارقة، يجدد فيها الإنسان عهده مع ربه، ويغتسل فيها من هموم الدنيا وذنوبها. وفي كل عام، ومع بدء الاستعدادات لموسم الحج، تتجلى الجهود العظيمة التي تبذلها المملكة العربية السعودية في خدمة ضيوف الرحمن. هذه الجهود ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لرؤية راسخة، جعلت من خدمة الحرمين الشريفين شرفًا ومسؤولية وطنية سامية. ومن خلال التنظيم الدقيق، والبنية التحتية المتطورة، والرعاية الصحية والخدمية المتكاملة، أصبحت تجربة الحج أكثر أمنًا وسهولة، دون أن تُنتقص من روحانيتها وجلال مناسكها. المشهد الأعظم يبقى هو الوقوف على صعيد عرفات، حيث تتوحد الملايين في وقت ومكان واحد، بلباسٍ واحد، ودعاءٍ واحد، في لحظة نادرة تتلاشى فيها الفوارق بين البشر، فلا يُرى سوى الخشوع، والتضرع، والرجاء. الحج هو موسم للتجرد، للمراجعة، للتوبة، وللعودة الصادقة إلى الله. وهو أيضًا رسالة سلام، ووحدة، وتعايش، ترسلها الأمة الإسلامية إلى العالم، بأن ما يجمعها أعظم من كل ما يفرقها. ومع اقتراب هذا الموسم المبارك، نسأل الله أن يتقبل من الحجاج حجهم، وأن يعيدهم إلى أوطانهم سالمين غانمين، وأن يجزي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين خير الجزاء على ما يبذلانه من جهود عظيمة في خدمة الإسلام والمسلمين.