لم يخرج الرئيس الإيراني حسن روحاني عن السياق السياسي لقادة طهران خلال خمسة وثلاثين عاماً على الرغم من محاولات غربية لتقديمه كرئيس معتدل يمكن التعاطي معه. ما أراده الزعيم الإيراني خامنئي من تقديم روحاني كرئيس لإيران هو تجاوز عتبة الثورة باتجاه تكريس منجزاتها «التي بنيت على أساس توسيع النفوذ عبر مشروع ولاية الفقيه» إلى مرحلة الدولة المستقرة والوصول إلى التطبيع مع الغرب والعودة للدور الذي مارسه الشاه محمد رضا بهلوي لما يقارب الأربعين عاماً كشرطي يحرس مصالح الغرب وإسرائيل في المنطقة. تصريحات الرئيس الإيراني الذي اتهم فيها دولاً دون أن يسمِّيها بدعم الإرهاب وتمويله، ما هي إلا محاولة جديدة من زعماء طهران لرمي الآخرين بما دأبوا على ممارسته لعشرات السنين، مع إحيائهم النزاع المذهبي الذي تجاوزه الزمن فكرياً وسياسياً واجتماعياً بفعل الحداثة الفكرية والمفاهيم الإنسانية التي سادت بعد حربين عالميتين أطاحتا بكل الموروث القائم على العنصرية والمذهبية، لتحل الدولة الوطنية مكان الإمبراطوريَّات التي استعمرت واضطهدت الشعوب تحت عناوين متعددة من القومية والعنصرية إلى الدينية. تقارير كثيرة أثبتت ضلوع طهران في تمويل ودعم التنظيمات الإرهابية ابتداءً من المليشيات العراقية التي شكَّلها الحرس الثوري الإيراني مروراً بحزب الله اللبناني الموضوع على قائمة الإرهاب أوروبياً وأمريكياً، وصولاً إلى تنظيم القاعدة الذي اعترف قادة منه بعلاقتهم مع طهران التي تؤمِّن لهم الدعم اللوجستي في منطقة تتوسطها إيران وتثير الاضطرابات في محيطها القريب والبعيد. المثل العربي «رمتني بدائها وانسلت» ينطبق على اتهامات الرئيس روحاني للآخرين بدعم وتمويل الإرهاب، فحرسه الثوري هو من أسس «داعش» الذي يقطع الرؤوس التي أشار إليها روحاني، وأداتا إيران «المالكي والأسد» هما من تخلى للتنظيم عن السلاح وترك المدن لقمة سائغة بين أيدي أعضائه ليعيثوا فساداً فيها ولتكون مقدمة لتدخُّل إيراني مباشر في العراق وسوريا. ألا يعرف روحاني حقيقة ما ينتج في طهران منذ عشرات السنين، أم أنه لا يستطيع إلا تكرار ما يريده قادة الحرس الثوري وخامنئي؟.