استغلت بعض المقاهي حب الشباب ل«التفحيط»، وجهزت لهم لعبة «درباوية لايف»، التي يستطيع الشاب من خلالها التفحيط من خلال شاشة ومقعد ومقود سيارة وجهاز ناقل الحركة «القير»، حيث يمكن للمستخدم أن يعيش جو التفحيط وكأنه حقيقة، وقد استطاعت تلك المقاهي استقطاب الشباب وجعلتهم يمارسون هوايتهم في بر الأمان عبر تلك الألعاب الإلكترونية بعيداً عن المغامرات والمخاطر التي قد يتعرضون لها في الشوارع . «الشرق» قامت بجولة تلك المقاهي، ووجدت أن الإقبال عليها كبير جداً، من قبل الشباب الذين استطلعت آراءهم، حيث أكد كل من محمد الزعبي وفهد وسلطان الرشيدي أنهم يعشقون التفحيط في الشوارع، وكانوا يمارسون تلك الهواية سابقاً، وبعد إدراكهم للحوادث الناجمة عنها امتنعوا عنها، وأصبحوا يعوضون ذلك بالتفحيط الإلكتروني، من خلال لعبة «درباوية لايف» التي أتاحتها المقاهي، مطالبين بوضع ساحات تفحيط مجهزة بوسائل السلامة لممارسة هواياتهم على أرض الواقع، موضحين أنهم يحلمون بالمشاركة في المحافل الدولية والعالمية. ويتفق معهم «إبراهيم الحمد»، حيث ذكر أنه يتردد على تلك المقاهي لممارسة تلك اللعبة خلال الإجازات ليستغل على أوقات الفراغ. وأوضح أبوخالد وهو مالك أحد المقاهي، أن فكرة تجهيز المحل بتلك الألعاب كانت بمنزلة مغامرة قد تنجح أو تفشل، ولكن بفضل من الله وجدنا إقبالاً كبيراً من هواة هذه الألعاب، ولم يقتصر على فئة المراهقين فقط، فأحياناً تجد كبار السن أيضاً يأتون للتفحيط من خلال تلك اللعبة، ضارباً مثلاً بأحد زبائنه الذي يبلغ من العمر أربعين عاماً، ويتردد على المحل بشكل يومي، وأضاف «أحياناً يتضايق أولياء الأمور من دخول أبنائهم المقهى ولعب تلك اللعبة، رغم أنني أجدها متنفساً لطاقاتهم». فيما اختلفت الآراء في الشارع بين مؤيد ومعارض لوجود تلك المقاهي، فذكر المواطن سليمان الأحمد أن وجود مثل تلك المقاهي للمراهقين حاجة ملحة لأنها تقضي على أوقات فراغهم، وكذلك تجعلهم يمارسون هواياتهم في مكان آمن دون أن يلحقوا أي أضرار لهم ولغيرهم. ويختلف معه خالد الغامدي، حيث يرى أن تلك الألعاب تلهي الشباب عن الدراسة، وكذلك تستقطب صغار السن وتجمعهم مع المدخنين، وقد تجتذب البعض إلى التفحيط على أرض الواقع. وقال رئيس قسم الإلكترونيات في المعهد الصناعي الثانوي بالدمام المهندس مهنا المهنا، إن الدولة وفقها الله أسست رئاسة تخدم تلك الفئة العمرية وهي الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ويجب عليها التعاون مع الجهات ذات العلاقة في اكتشاف مهارات وطاقات الشباب بصورة مباشرة وغير مباشرة، وذلك عن طريق إنشاء حلبات متخصصة لاستعراض المركبات في أماكن مفتوحة وعلى قدر كبير من الأمن والسلامة لقائد المركبة وللجمهور. كما ناشد المهنا الجهات ذات الاختصاص بإيجاد مشاريع مصاحبة في الكورنيش كأولمبياد مهنية نكتشف فيها إمكانات الشباب من خلال فك وتركيب السيارات، وكذلك عمل دائرة إلكترونية وكهربائية وصيانة مكيف شباك، وغيرها من المهارات المهنية بوجود لجنة متخصصة بالتحكيم يكون معيارها الدقة والسلامة وسرعة العمل والترتيب بالخطوات. من جانبه، أوضح أمين عام لجنة السلامة المرورية في المنطقة الشرقية المهندس سلطان الزهراني، أن تلك المقاهي المزودة بألعاب التفحيط لن تحد من عدد المفحطين في الشوارع، ومع الأسف لا يوجد تقييم لآثار هذه الألعاب على الشباب، خاصة الأطفال. فنحن نحتاج إلى لجنة متخصصة لدراسة ظاهرة التفحيط ورصد مواطن الخطر وتحديد المشكلات. وأضاف الزهراني «أرى أن توجد حلول أفضل تساعد الشباب على تفريغ طاقاتهم، وذلك بتوفير حلبات مخصصة لرياضة السيارات». وذكر الاختصاصي الاجتماعي أحمد العامر أن الشباب يحاكون التكنولوجيا كل على طريقته، وأضاف «كثيراً ما سمعنا عن مطالبات بإيجاد ساحات مجهزة من أجل ممارسة التفحيط ولكن دون جدوى أو تفاعل، ولعبة (درباوية لايف) يستطيع الشاب من خلالها ممارسة التفحيط بطريقة آمنة، وهذا ما توفره كثير من المقاهي. ويقول العامر «بحكم عملي في إحدى المدارس، عملت استفتاءً على عينة طلاب من مختلف الأعمار يمارسون هذه اللعبة، وتم سؤالهم عن مدى تأثير هذه اللعبة في الحد من ظاهرة التفحيط في الشوارع، فهل هي إيجابية أم تنعكس سلباً على البعض؟فأما الطلبة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 18 عاما فأشادوا بتلك اللعبة وفائدتها بنسبة 60%، حيث أكدوا أنها تحد من التفحيط في الشوارع، و22% قالوا إنها تسهم في إقبال الشباب على التفحيط الفعلي في الشوارع، و18% أجابوا بأنهم لا يعلمون. أما الطلاب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و 14سنة، فأشادوا بتلك اللعبة بنسبة 62%، ووجدوا أنها تحد من ظاهرة التفحيط، بينما 38% منهم قالوا إنها تدفع الشباب للتفحيط الحقيقي.ووفق تلك المعطيات، نجد أن أغلبية الشباب مقتنعون أن تلك اللعبة مفيدة، واعتبروها متنفساً للطاقة، وقال «الأمر الذي يجب أن يفعله أصحاب المقاهي هو وضع لوحات إرشادية توضح خطورة التفحيط الحقيقي في الشوارع، ولا ننسى الدور الأكبر للأهل، فهم البنية الأساسية، ويجب عليهم إرشاد الأبناء للصواب، خاصة المراهقين منهم.