من المعروف أن الهندوسية هي إحدى الديانات الهندية وأكثرها انتشاراً داخل أطر الحدود الهندية، وكذلك في بعض الدول المجاورة للقارة الهندية. ولكن هذه الديانة حيرت المفكرين والباحثين عن أصل جذورها الدينية ذات التاريخ القديم وذات التعدد في الآله، ناهيك عن التصنيفات الطبقية فيها، كان ذلك قبل «لبرلة» المجتمع الهندي وانتشار أفكار المهاتما غاندي (1869 – 1948) فيها وهي التسامح والعقلانية. ومن هذه الطبقات طبقة (البراهما) وهي طبقة رجال الدين وأعلاها شأناً في المجتمع الهندوسي، ولكن ليس حديثنا عن هذه الطبقة بقدر حديثنا عن (براهما) حيث كثرت الجدليات حوله وكذلك حول كتابه (الفيدا) أو أسفار الفيدا كما هو معلوم لدى الهند، برغم هذا البحث؛ فأمر براهما محير؛ حيث يعتبره الهندوس إله الخلق، ومن خلال البحوث التاريخية والمقارنة ما بين الأديان يتضح أن الهندوسية قريبة سلوكياً وسوسيولوجياً من الديانات السماوية الثلاث وهي (اليهودية والمسيحية والإسلامية). لقد اطلعت اطلاعاً سريعاً على كتاب (صحف إبراهيم) لمؤلفه: أ.د. فالح شبيب العجمي؛ الذي كان مركزاً على جذور البراهيمية من خلال نصوص الفيدا ومقارنتها بالتطبيقات والروايات التاريخية، ويوضح لنا العجمي أن براهما هو النبي إبراهيم الملقب ب (أبو الأنبياء) كما هو معروف وتنسب إليه الديانات الثلاث؛ بالإضافة إلى طائفة الصابئة المندائيين في العراق بحكم أصل النبي إبراهيم منها أو هذا ما تبقى من دين إبراهيم كدين جذري لا عقائدي. ومما يوضح لنا البروفوسور في كتابه عن تشابه الهندوسية بطقوسها الدينية مع الإسلام بطريقة الحج إلى الأماكن المقدسة وطريقة لبس الإحرام مع اختلاف اللون وطريقة سلوك العبادة كذلك. ولكن كل هذه التفاصيل غير مقنعة عند البعض إن كان براهما هو النبي إبراهيم الذي عاش قبل الميلاد من ( 2000 – 2200) هذا على أقل تقدير، وربما عاش قبل هذه القرون بكثير فلا شيء مُطلق ودقيق. وبما أن الهندوسية تعتبر أقدم ديانة شهدها التاريخ فهي قبل الميلاد ب (5000-4000) عام، ولكن هناك من يدعي أنها كديانة فعلية بطقوسها الوضعية يقدر عمرها ب2500 عام؛ أي 500 ق. م، وهنا يتضح بتحريف الديانة عن مسارها الجوهري وتغييرها تغييراً عقائدياً، وهذا بحكم اعتقادي أن الهندوسية أُدخلت عليها تعديلات ومفاهيم وفلسفات جديدة منها ديانة النبي إبراهيم وذلك لقرب الحضارة البابلية من الحضارة الفارسية والهندية، ومن خلال اطلاعي المتواضع على الديانة الهندوسية أرى أنهم يعتقدون أن للإله (براهما) زوجة أو صاحبة اسمها (سار اسواتي) أو (سَرَسوتي) ولكنها لا تنتمي إلى آلهتهم، ومن المعروف في شريعة الديانات السماوية أن زوجة النبي إبراهيم الأولى اسمها (سارة) وهنا تشابه في الأسماء (سار اسواتي في الهندوسية وَ سارة أو سارا في الإبراهيمية) وتلفظ في العبرانية أيضاً ب (ساراي). أهي مصادفة في الأسماء أم حقيقة لا أكاد أجزم ولا أتكهن ولكن مجرد اكتشاف بسيط حيث يتضح أن هناك تقارباً واضحاً بين الهندوسية والديانات الإبراهيمية، طرق عديدة تجمعنا وتفاصيل كثيرة تشتتنا تراكمت عبر القرون والقرون، تداخلت فلسفات لاهوتية وأخرى وضعية؛ وضحية الفروقات ذلك الإنسان الذي يسير وسط الدروب! وهنا تجدر الفائدة على المراكز المهتمة بالحوارات الدينية أن تكثف قضية التقارب الديني من الجذور وما وراء الجذور؛ وطرح المعادلة على الملأ بشكل تقدمي ووعي ناضج وفق المتغيرات الاجتماعية المستمرة؛ لكي نعيش بسلام وألا يأخذنا التطرف بشنآن قومٍ ظلموا أنفسهم كثيراً.