اتجه المشاركان، الكاتب فاضل العماني والمستشار الإعلامي ياسر الجنيد في ندوة «القنوات الفضائية والإعلام الطائفي»، في ملتقى الثلاثاء الثقافي في محافظة القطيف، أول أمس، إلى استعراض أبرز ملامح القنوات الطائفية، فيما كانت الحلول في نظرهما تكمن في وضع أنظمة تحد من سطوة القنوات، وفي مقاربة منهما حاولا أن يضعا المشكلة ضمن إطارها الطبيعي، إلا أن عدم الجزم، من قبلهما في تحديد المسؤول عن القنوات الطائفية، جعل بعض المشاركين في المداخلات الإعلان صراحة عن ضرورة وضع نظام قانوني يجرم أي فعل أو تحريض طائفي شبيه بنظام مكافحة الإرهاب. واعتبر الكاتب فاضل العماني أن أهمية الإعلام الفضائي تكمن في مساهمته في توجيه أو تضليل الوعي الجمعي، ذاكراً أن عدد القنوات الفضائية في العالم يزيد على خمسة آلاف قناة، ويبلغ عدد القنوات العربية 1023 قناة، مرجعاً الأرقام إلى الاتحاد العربي للإذاعات والتليفزيون، مبيناً أن عدد الهيئات المشرفة على القنوات 776 هيئة، منها 26 هيئة حكومية. وبين أن عدد القنوات المتخصصة 151 قناة، و146 قناة رياضية، و66 إخبارية، و125 قناة دينية 40 قناة منها شيعية والبقية سنية، فيما يبلغ عدد القنوات الإباحية الناطقة بالعربية 112 قناة، موضحاً أن السعوديين يملكون أكثر من 100 قناة فضائية. وأوضح أن مصر والسعودية والإمارات تستحوذ على أكثر الإعلام الفضائي، وتبلغ حصة مصر 21%، والسعودية 14%، والإمارات 13%. واستعرض عدداً من أهم القنوات الدينية «سواء ذات طابع متشدد أو غيرها»، ذاكراً أن من القنوات الدينية السنية: ابن عثيمين، الأثر، الإسلام اليوم، اقرأ، طيبة، فورشباب، المجد، المنبر، الناس، وصال، الحكمة، الدانة، ومن بين القنوات الدينية الشيعية: أهل البيت، الأنوار، المعارف، الزهراء، كربلاء، الفرات، فورتين. ورأى أن القنوات الدينية والطائفية تزايد عددها بعد سقوط العراق تحت الاحتلال الأمريكي، ووصل عددها إلى 125 في غضون عشر سنوات، معتبرا القنوات الدينية صدى وانعكاساً للطائفية، وأن أغلب القنوات الدينية خرجت من عباءة الطائفية. وقال إن الطائفية لها خطاب مقيت يزدري الآخر ويغلب المذهب والتيار الفكري الخاص بها، إضافة إلى تضخيمها الذات المذهبية وتصدير معتقداتها وأفكارها. وذكر أن المراقبين أمام صعوبة في تحديد القنوات الطائفية من غيرها، خاصة أن بعض القنوات الإخبارية لها برامج طائفية، ما يجعل وضع اللوم على القنوات الطائفية وحدها صعباً. وأضاف أن الاحتقان الطائفي لا يأتي من القنوات الطائفية فقط، إنما يساهم فيه علماء متشددون يستثمرون القنوات للحصول على السلطة والشهرة، إضافة إلى المناهج الدراسية في المدارس والجامعات والكتب والمنابر والإعلام. وتساءل عن الدوافع تجاه بث برامج طائفية؟ وهل ذلك ضمن حاجة مذهبية، أو وجود استشعار خطر من الشيعة والسنة تجاه بعضهم بعضا، ملمحا إلى وجود أسباب كثيرة، منها سياسية وقبلية وسلطوية وبسط نفوذ. وبين أن من ملامح القنوات الطائفية التركيز على مشروع الدولة الدينية، ورصد تحركات الجهات المخالفة لها وأخطائهم، ومعرفة كل صغيرة وكبيرة عن شخصياتهم الاجتماعية، والتحول من نقد التراث بشكل علمي إلى شتم ولعن للآخر، مرجحاً أن الطائفية ظاهرة دنيوية علمانية تتصارع على الدنيا باستخدام أدوات دينية طائفية. ورأى أن تمويل القنوات الطائفية يأتي من بعض الحكومات، التي تستغل الملف الطائفي في تحقيق التفاف شعبي حولها، كما يأتي من الهيئات والجمعيات الدينية، إضافة إلى الأفراد الذين يملون القنوات بنسبة المشاهدة ورسائل الجوال، وأخيرا أجهزة المخابرات. واقترح لمحاربة والحد من تأثير القنوات الطائفية نشر الوعي الثقافي وقبول الآخر ووجود تشريعات تحرم أي فعل طائفي، إضافة إلى التصدي لخطاب الكراهية عن طريق إيجاد قنوات معتدلة، وسحب التراخيص من القنوات الطائفية، وإنشاء قنوات تابعة لمراكز علمية في الأزهر والنجف. ورأى مقدم البرامج الثقافية في قناة الدانة المستشار الإعلامي ياسر الجنيد أن القنوات الطائفية لن تكون بهذه الحدة لولا وجود أطراف تستفيد منها، مضيفاً: نحن في حاجة إلى قنوات دينية تنشر الدعوة. وصنف القنوات الدينية إلى ثلاثة أنواع، الأول له هدف الدعوة الحقيقية، لكن خطابها غير مؤهل بما يتوافق مع المعطيات الحديثة، وأنها تعتمد على طريقة منابر المساجد ذات الشريحة القليلة. وذكر أن النوع الثاني هدفها الإثارة والشهرة واستقطاب الجمهور، وأن أصحابها يدفعون الملايين على الإثارة من أجل استقطاب الجمهور، عبر النيل من الأطراف المخالفة لها. وأضاف أن النوع الثالث إعلام طائفي موجه من قبل رجال أعمال أو استخبارات، مستبعدا أن يكون هدف القنوات الدينية الربح المادي، إذ لا توجد فيها إعلانات وإن وجدت فهي لا تضمن استمرار وتمويل القناة. واعتبر أن من يخرج على القنوات الطائفية لا يمثل المجتمع، إنما يمثل شخصه، مبيناً أن أولى خطوات الحل التوقف عن متابعتها. ورأى الشيخ حسن الصفار أن الإعلام الطائفي وجه من وجوه مشكلة أعمق نعاني منها، مضيفا أن الأنظمة السياسية لم تتحول إلى اعتماد مفهوم المواطنة بين أفراد شعبها، وغض النظر عن مذهب ودين الأفراد، موضحا: نحن في حاجة إلى دولة مواطنة بغض النظر عن الانتماء المذهبي. وقال إن المصدر الآخر لهذه المشكلة الفهم الديني، موضحاً: لدينا فهم ديني تعصبي يتفاوت بين أتباع مذهب وآخر، على الرغم من أن الدين لا يشجع على العدوان. وقال إن فهما سيئا للدين حصل بسبب عصور الاستبداد وورثنا هذه الحالة في مناهجنا ومنابرنا. اعتبر كاتب الرأي عضو جمعية السعوديين لكتاب الرأي دحام العنزي ضرورة تعزيز وجود كل صاحب فكرة لديه رؤية تحرص على الوحدة الوطنية وتكريس ثقافة الحوار، مبينا أن القنوات لو لم يكن هناك مشاهدون لها لأفلست. وطالبت هدى القصاب بتجفيف منابع الطائفية بوسائل مختلفة، مبينة أن الحكومات إذا كانت جادة في القضاء على الطائفية ستسن قوانين صارمة وتغلق أي قناة تحرض على الفتنة الطائفية.