تجنب مجلس الأمن الدولي عار البقاء صامتاً، فأصدر قراراً يطالب برفع الحصار عن المدن السورية ووقف الهجمات والغارات على المدنيين وتسهيل دخول القوافل الإنسانية، لكن الشكوك تحيط بإمكانية تنفيذ هذا القرار لأنه لم يتضمن فرض عقوبات تلقائية على من لا يلتزم به، ولأن لنظام بشار الأسد رصيداً من إهمال قرارات كهذه، وبالتالي ليس من المنتظر أن يلتزم بما صدر مؤخراً حتى وإن وافقت عليه روسيا. القرار الصادر عن مجلس الأمن ليس إلا حبراً على ورق، حتى الآن كسابقيه لأنه أولاً لم يصدر تحت البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي يجيز استخدام القوة في حال عدم تطبيقه، كما أنه لم يضع آلية للتطبيق ومراقبة فك الحصارات عن المدن والمناطق والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون المرور عبر أجهزة النظام من جهة ثانية، وكذلك فالمجتمع الدولي لم يقدم وعداً حقيقياً بتحسن أدائه، ولأن الثقة فيما يصدر عن مؤسساته من إجراءات باتت مفقودة.. إذاً لا جديد يُذكَر. السوريون لا يثقون في مجلس الأمن، ويرونه متواطئاً بشكل أو بآخر مع نظام الأسد والإيرانيين وراضخاً لما تفرضه روسيا والصين. السوريون انتظروا من المجتمع الدولي أن يتدخل بأي وسيلةٍ كانت لإنقاذهم من الموت، لكنهم وبعد مرور ثلاث سنوات دون تحرك فعال فقدوا الثقة في كل هذه القرارات ولن تطمئنهم عبارات جون كيري ولا سفراء القوى الكبرى لدى الأممالمتحدة. لنكن أكثر واقعية، مؤتمر جنيف الثاني، وهو ذروة ما قدمه المجتمع الدولي في القضية السورية، فشل فشلاً ذريعاً بجولتيه ولم يحقق الحد الأدنى من مطالب السوريين، وحتى الاتفاق الإنساني بشأن حمص القديمة، الذي تمخض عن بعض المشاورات في جنيف، لم يُنفَّذ كما يجب بسبب عدم جدية النظام ونتيجة ربطه بين الجوانب الإنسانية وشروط الإذعان التي يفرضها كما يريد. إذا كان مجلس الأمن جاداً في وقف القتل بالبراميل المتفجرة والموت جوعاً للسوريين، فإن على أعضائه فرض القرار تحت البند السابع مع وضع ضوابط للتنفيذ والمراقبة وغير ذلك لن يجدي نفعاً، طالما ضرب نظام الأسد عرض الحائط بكل القرارات والتوصيات الدولية.. فكيف بقرار خجول وخطاب بلهجة مخففة كما في قرار مجلس الأمن أمس الأول؟