قلل خبراء ومحللون سوريون، من فرص انعقاد ونجاح «جنيف 2»، وعزوا ذلك إلى أن نظام الأسد لا يبدو مستعدا لتنفيذ ما هو مطلوب منه، معللين ذلك باستمراره في العمليات العسكرية، وغياب الرؤية الدولية خصوصا لدى واشنطن وموسكو. وأكدوا أنه لا حل للأزمة إلا بقرار دولي ملزم بطرد الاحتلال الإيراني و«داعش»، من الأراضي السورية. صورة قاتمة واعتبر المحلل السياسي فؤاد عبدالعزيز، أن موافقة الائتلاف على المشاركة في «جنيف 2» ليست ذات تأثير كونها مشروطة بالإفراج عن المعتقلين، فك الحصار عن المدن والأحياء، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وأكد أن الأهم أنها تطالب بضمانات بتنحي أركان النظام وتقديمهم للعدالة لارتكابهم جرائم حرب، بيد أن النظام لن يقبل بهذه الشروط. وقال «يبدو أن أحدا لا ينتظر «جنيف 2» سواء من المعارضة أو النظام، بدليل أن النظام ماضٍ في حربه بشراسة أكبر ظنا منه أن الحصول على بعض المواقع الإستراتيجية والحيوية على الأرض ستجعله يستغني عن جنيف أو أنه سيذهب منتصرا لفرض شروطه، فيما المعارضة تراهن على أنه مهما حقق النظام من إنجازات على الأرض فلن يكون قادرا على إنهاء الثورة»، مضيفا أن الصورة قاتمة تجاه «جنيف 2» لغياب الرؤية والهدف من المؤتمر سوى التفاوض والحوار الذي قد لا ينتج إلا إعطاء النظام مزيد من الوقت للاستمرار في القتل والتدمير. وعبر عبدالعزيز عن اعتقاده بأنه من المبكر الكشف عن تفاعلات موافقة الائتلاف للمشاركة في «جنيف 2» قبل معرفة موقف النظام من شروطه، وموقف المجتمع الدولي منها، وما إذا كان هذا الأخير سيقدم ضمانات أو أنه سيمارس ضغوطا لتقريب شروط التفاوض بين الطرفين. وأشار إلى أنه حتى الآن لا يبدو أن الظروف مهيأة لبدء المؤتمر أو القول إن موافقة الائتلاف أنهت المشكلة، واعتبر أن المشكلة تزداد تعقيدا كون الائتلاف من جهة ثانية ليس لديه ما يقدمه من ضمانات على صعيد الأرض فهو قد يستطيع السيطرة على كتائب الجيش الحر إلى حد ما، بينما القوة على الأرض لم تعد للأسف للجيش الحر وإنما لكتائب ترفض «جنيف 2» من أساسه وترى فيه أنه مقدمة لمحاربتها. وأكد أن المطلوب الآن صدور قرار من مجلس الأمن، يطالب بانسحاب جميع المقاتلين الأجانب سواء الذين يقاتلون مع النظام كحزب الله وإيران وكتائب أبو الفضل العباس أو الذين يدعون أنهم يقاتلون مع المعارضة كدولة العراق الإسلامية «داعش». واعتبر أن مثل هذا القرار يضع أول لبنة في بنية «جنيف 2». غارقة في المراوحة من جهته، رأى الكاتب والباحث الإعلامي علي سفر، أن الحالة السورية غارقة في المراوحة في المكان، لأن القوى الفاعلة تريد لأسباب كثيرة أن يبقى الوضع على ما هو عليه، وقد تم تعليق جميع الخطوات التي كان يجب أن تتم أو التي يجب أن تتم على شماعة «جنيف 2». وقال «إن البعض بدا له أن جنيف سيكون مفاوضات تتحدد نتائجها بحسب الوضع الميداني، وهذا غير دقيق، إذ إن الجميع يعرف أننا لا نعيش حربا بين طرفين متصارعين، بل حربا يشنها نظام عسكري على شعبه، ومن هذه الزاوية نستطيع أن نقرأ أن ما سيجري في جنيف سيكون استكمالا لما تم الاتفاق عليه في «جنيف 1» ولاسيما الإقرار بعملية التغيير السياسي». واعتبر أن كل ما يجري على الأرض لن يغير في الأمر شيئا، طالما أن القوى الدولية والإقليمية أقرت بما ورد في بيان «جنيف 1»، ومن هذه الزاوية، وبعد أن راهن الجميع على رفض الائتلاف للمشاركة، بسبب السقف العالي للمطالب الجماهيرية التي لا تستطيع أي قوة سياسية أن تتجاهله، فإنه قد بدأ فعلا ممارسة السياسة، بعد أن ظل ولأمد طويل سجين المنطق غير السياسي». وفي رأي سفر، فإن «نظام الأسد لم يعد بإمكانه سوى أن يدخل في عتبة جنيف، ولكن الجميع يعرف أن سياسة النظام تبنى تاريخيا على الظاهر والباطن، وهنا أظن أن أيا مما سينتهي إليه المؤتمر يجب أن يبنى على ضمانات القوى الدولية ولاسيما منها وضع التنفيذ تحت البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة ما سيلزم الجميع بالتنفيذ تحت طائلة استخدام القوة من قبل الهيئة الأممية». ضعف الإرادة الدولية بدوره، وصف المحامي والمعارض السياسي طارق حوكان، بيان الائتلاف بالمشاركة في «جنيف2»، بالخطوة الإيجابية، معتبرا أن دونها صعوبات تتمثل في ضعف الإرادة الدولية وغياب الرؤية، وتركيبة النظام القائمة على المراوغة وسياسة القتل والتنكيل، وأفاد بأن هناك أطرافا مازالت ترى في الحالة السورية مدخلا لها لتسوية ملفات أو تحصيل مكاسب كما هو الحال بالنسبة لروسيا وإيران الداعمتين للنظام. وأكد أن الائتلاف بحاجة لدعم الجيش الحر وباقي قوى المعارضة، مشيرا إلى أن هناك خلطا متعمدا واستغلالا من قبل داعمي النظام في هذا الجانب، حيث يتم التركيز من قبل روسيا على شخصيات تحالفت مع النظام على أنها تمثل المعارضة الداخلية وهو ما يزيد في تعقيد المشكلة، أضف إلى ذلك إمكانية ضبط الوضع على الأرض مع ظهور تشكيلات عسكرية ترفض بالمطلق فكرة التفاوض مع النظام.