واجهت عملية صناعة السلام في سوريا مزيداً من العثرات بعد إبداء النظام تصلباً أمس في جنيف بتركيزه على «مكافحة الإرهاب» في مقابل إصرار المعارضة على منح أولوية لموضوع تشكيل حكم انتقالي دون بشار الأسد. وكشف معارض سوري أن المبعوث الأممي والعربي، الأخضر الإبراهيمي، أنهى الجلسة الصباحية من مباحثات «جنيف-2» أمس الإثنين بعد أن «استاء من وفد النظام الذي كان يلقي محاضرة في الديمقراطية ويزايد فيها على الموجودين». وأفاد المعارض، الذي حضر الجلسة الصباحية ورفض الكشف عن هويته، بأن الإبراهيمي «أوقف الجلسة بعد أقل ساعة من بدايتها خاصةً بعد أن بدأ وفد النظام محاضرة عن الديمقراطية والتعددية ما أدى لتشنج الأجواء، طالباً من الوفد الحكومي الانخراط في مفاوضات سياسية بدلا من الكلام عن الديمقراطية وغيرها التي نعرفها». واعتبر المعارض السوري أن «النظام يضع العصي في الدواليب كعادته ولا يقدم أي جديد سوى المماطلة والكلام التقليدي». وخرج كل من وفدي السلطة والمعارضة من الجلسة المشتركة صباح أمس ليقدما تصريحات نارية بالاتهام والمسؤولية عن فشل اللقاء الذي كان مخصصاً لبحث «المفاوضات السياسية من أجل مرحلة حكم انتقالي لا دور لنظام الأسد فيه». في سياقٍ متصل، أعلن التليفزيون السوري أن وفد الحكومة قدم «ورقة مبادئ أساسية» لا تتطرق إلى انتقال السلطة. وتنص «ورقة المبادئ الأساسية» على أن للسوريين الحق الحصري في اختيار نظامهم السياسي «بعيداً عن أي صيغ مفروضة» في إشارة على ما يبدو إلى مطالب قوى غربية وإقليمية بتنحي بشار الأسد وتسليم السلطة لحكومة انتقالية. بدورها، رفضت المعارضة التي تريد أن يتنحى الأسد في إطار ترتيبات لحكومة انتقالية المقترح على الفور. واعتبر كبير مفاوضي المعارضة في جنيف، هادي البحرة، أن هذا الإعلان خارج إطار جنيف الذي يركز على تشكيل كيان حكم انتقالي وأنه فشل في التعامل مع القضية الرئيسة. من جانبه، أفاد نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، بأنه سيلتقي بوسطاء الأممالمتحدة بعد رفض المعارضة مقترح الحكومة. وشدد على أن الوفد الحكومي موجود في جنيف لمناقشة «الإرهاب» وليس نقل السلطة مستخدماً المصطلح الحكومي لوصف الانتفاضة التي خرجت من رحم احتجاجات سلمية في 2011. ورغم هذا التعثر، أعلن وفدا النظام السوري والمعارضة إلى جنيف-2 أنهما سيواصلان التفاوض. وفي الوقت الذي قال فيه فيصل المقداد للصحفيين «لن نغادر بتاتا طاولة المفاوضات وسنستكمل النقاش»، أكدت ريما فليحان من وفد المعارضة «نحن إيجابيون، سنبقى هنا حتى تحقيق هدف هذا المؤتمر في تشكيل هيئة الحكم الانتقالي». وأقرت فليحان بأن المفاوضات أمس «لم تكن بناءة بسبب منطق وفد النظام الذي حاول تغيير مسار الجلسة». وأوضحت أن وفد النظام «هاجم الأممالمتحدة وعدداً كبيراً من الدول الأعضاء فيها، وأهان بعض هذه الدول»، معتبرةً أن «وفد النظام يشعر فعلياً هنا بحصار دولي خانق على ما يبدو، لذلك كان أداؤه موتوراً بدائياً». من جهته، رأى الإبراهيمي، في تصريحٍ صحفي أمس، أنه توجد إرادة فيما يبدو لمواصلة المحادثات السورية لكنه لا يتوقع مطلقا أي معجزة. وفي الإطار ذاته، أفاد مصدر مقرب من وفد النظام أن الجلسة الصباحية أمس، التي بدأت بعيد الساعة العاشرة بتوقيت جرينتش، رُفِعَت بعد تقديم ممثلي الأسد «ورقة عمل» حول الإرهاب ورفض وفد المعارضة البحث فيها وتمسكها بالبحث في هيئة الحكم الانتقالي، وتابع «على إثر ذلك رفع السيد الإبراهيمي الجلسة».