انتشرت في الآونة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة جديدة من وسائل الاحتيال والتسول والتباهي بعدد المتابعين إلكترونياً، وأصبحت حديث المجالس يلجأ إليها من يبحث عن تلميع صورته أمام الآخرين وإعطاء نفسه أكبر من حجمها، ظاهرة اجتماعية يعود أصلها إلى تاريخ 15 يناير 2007 مع ظهور حساب بعنوان krails@ الذي كان أول من بدأ بالترويج لبيع المتابعين، وبرزت تلك الظاهرة بشكل واضح من خلال تلاعب ظهر في أرقام المتابعين لبعض الساسة والدعاة والفنانين والإعلاميين والرياضيين والأشخاص العاديين لتكون حساباتهم الشخصية في قائمة الأكثر تأثيراً في تلك المواقع في حين أن أغلب متابعيهم وهميون وغير فاعلين. المتتبع لتلك السوق السوداء يجد أن نشاطات تجارها تتنوع مابين بيع فولورز تويتر وانستغرام وكيك، الدعم بريتويت، بيع لايكات، الحصول على مشاهدات يوتيوب بنسب عالية، بيع معجبين لصفحات فيسبوك… إلخ، ويتم شراء الفولورز عن طريق الطلب من أحد الأشخاص العاملين في هذا المجال، ومن ثم تحويل المبلغ على حساب مصرفي وإرسال موقع التواصل الاجتماعي ثم إدراج العدد المطلوب من المتابعين، والبعض منها يقوم بعملية تدوير ومبادلة المتابعة أي يقوم الشخص مثلا بالتسجيل ومتابعة 100 شخص، وبالتالي يتم عرض اسمه 100 مرة على أشخاص آخرين ليقوموا هم بمتابعته بالمقابل وهكذا تكون العملية تدوير ومبادلة المتابعة، هذا بالإضافة لمواقع تقوم ببيع حساب جاهز حيث يقوم شخص بعمل حساب مع عدد من المتابعين ويعرض الحساب للبيع وما على المشتري سوى تغيير اسم الحساب ويلجأ إلى هذه الحالة المبتدئون في هذه العوالم الجديدة. يتفنن تجار هذه السوق في خدمات البيع وباقات الترويج والعروض الخيالية لجذب المقبلين عليها كالباقة البرونزية والفضية والذهبية والماسية ..إلخ، وإتاحة الاشتراكات الشهرية إلى جانب الحصول على متابعين زائفين من مناطق جغرافية معينة، وبعضها يعرض ضماناً لخمس سنوات تقريباً بعدم تراجع عدد المتابعين بشكل مفاجئ، ويدعي بعض تلك المواقع تقديم متابعين لاتستطيع تطبيقات الكشف عنهم وتمييزهم عن المتابعين الحقيقيين، وتلتزم بعض تلك الحسابات الوهمية بكتابة تغريدات جديدة كل بضعة أيام لإبعاد شبهة الزيف عنها، بالإضافة إلى الإعلان عن تخفيضات تصل 70% على شراء المتابعين بمناسبة العشر الأواخر في رمضان وغيرها. إن من يلجأ إلى عملية شراء المتابعين لايشتري أكثر من رقم فقط حيث إن أغلب المتابعين لحسابه عبارة عن حسابات جامدة وغير فاعلة؛ ولذا فلا فائدة منها؛ بل هي شهرة وشعبية وهمية توحي للآخرين بأن هذا الشخص لديه شيء يقدمه والحقيقة أن زيادة عدد الرقيق في هذه المواقع لاتسمن ولاتغني من جوع؛ بل هي دلالة نقص وخداع وتدليس وإيهام للناس بغير الحقيقة، وقيمة المرء فيما يحسنه كما يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه. مواقع التواصل الاجتماعي مملوءة بالرديء والجيد والممارسات المجرّمة نظاماً، والتعامل مع العالم الافتراضي يعكس درجة وعي الفرد والمجتمع، وهو مايؤكد أن هناك دوراً توعويّاً وتربويّاً يجب أن تقوم به الجهات المسؤولة عنه قبل الدور الرقابي والقانوني في مثل تلك الأمور حيث إن ارتفاع درجة الوعي يقلل من فرصة نجاح مساعي المحتالين في الحصول على الأموال دون وجه حق. عتبة خروج: البحث عن قيمة الذات في قشور تافهة ماهو إلا خواءٌ ثقافي وروحي وعاطفي.