تعودت مع انتهاء كل عام ميلادي أن أقوم بجرد ومراجعة مقالات الرأي التي أكتبها، لعلي أتلمَّس من خلالها الأفكار التي تم طرحها، ومدى استجابة الصحافة المحلية لها، وكذلك ردود فعل القراء من خلال ما يردني من تعليقات أو ملاحظات. طوال العام المنصرم كتبت هنا 54 مقالاً حول مختلف القضايا المحلية والإقليمية، أجيز منها 49 مقالاً، أي بنسبة 91%، وتركزت المقالات التي لم تُنشر حول قضايا حقوقية وإصلاحية كموضوع السجناء والمحاكمات والحاجة للإصلاح ومشكلة الطائفية. في ظل التطورات المتلاحقة في منطقتنا، أخذ الموضوع السياسي المساحة الأكبر بين المقالات، حيث بلغت عشرين مقالاً في هذا المجال، تناولت تشخيصاً لحالة الانسداد السياسي القائمة في المنطقة كغياب الحوار السياسي، وتدهور المشروع العربي، وأهمية خيار الحوار والمصالحة، ورصد التطورات السياسية في كل من مصر والمغرب والبحرين ومنطقة الخليج بشكل عام. وعلى الصعيد المحلي، تناولت المقالات أبرز معوقات الإصلاح السياسية والثقافية، وأكدت على ضرورة تفعيل الحوار وبناء الثقة بين مختلف القوى، ومعالجة العنصرية المتنامية في الخطاب المحلي، وتعزيز دور المواطن في المشاركة العامة. المواضيع الحقوقية جاءت في المرتبة الثانية وأخذت تسعة مقالات، حيث تناولت قضايا عرض بعض الدراسات الحقوقية، وتوضيح بعض المفاهيم والقيم والمبادئ الحقوقية، وطرح قضايا حقوقية محلية مختلفة. بينما جاءت المواضيع الاجتماعية وتلك ذات العلاقة بقضايا الطائفية في المرتبة الثالثة، ولكل منها سبعة مقالات تناولت الانغلاق الاجتماعي، ودور الشباب، وصعود حالة التطرف، وأزمة التصنيف، ومعالجة الصور النمطية. وفي مجال الطائفية التي اشتعل أوارها هذا العام بصورة لم يسبق لها مثيل، تم طرح مواضيع تتعلق بفوبيا الطائفية ومواجهة الفتن، والأسباب الكامنة وراء بروزها ومصادر تغذيتها، ودور النخب الثقافية والدينية والسياسية في الحد منها. كتبت خمسة مقالات حول مواضيع ثقافية مختلفة، وثلاثة مقالات حول شخصيات وطنية لها مساهمات واضحة في رفد الحراك الثقافي في المملكة، ومقالين حول شؤون محلية عامة. أحب أن أستنطق الواقع الذي أعيشه، لذا تأتي معظم المقالات نتيجة حوارات ومناقشات مع بعض من ألتقي بهم وأتواصل معهم، ومازلت أواصل عرض ما أكتبه على القريبين مني خاصة أفراد الأسرة الذين أشعر بأنهم بذلك يُسهمون في اختبار الفكرة قبل نشرها. من بين المواضيع التي نشرتها، نالت تلك المتعلقة بقضايا الطائفية اهتماماً كبيراً من قِبل القراء والمتابعين لكوني أحاول عرض المشكلة بموضوعية، بينما هناك كثيرون يبحثون عن أصوات متطرفة وعالية ومغالية أحياناً. وجدت أيضاً أن الشحن الطائفي كان يدفع بعضهم إلى حرف النقاش لاتجاهات خارجة عن صلب الموضوع وفكرته الأساسية. الشكر لصحيفة «الشرق» الغراء التي أتاحت لي فرصة التواصل مع شريحة مهمة من القراء داخل المملكة وخارجها، وأتطلع وغيري من الكتاب إلى أن نتمكن من إيصال الرأي الحر عبرها لكل القراء والمسؤولين دون تقييد.