إن التوافق في الأهداف والميول والذوق والسمات والدوافع بين أي زوجين شرط مهم في استقرار حياتهما الزوجية. وهذا يتعارض مع ما يؤكد البعض صحته من أن الارتباط بالنقيض المختلف تماماً يحقق الاستقرار. تلك النظرية خاطئة ومدمرة، فالتوافق في كل أو جزء مهماً جداً كي يمنح أي علاقة زوجية الاستقرار العاطفي والنفسي. والتوافق الذي أعنيه هنا ليس توافقاً مائة بالمائة، يكفي أن يكون في بعض من الجوانب المهمة الحيوية الرئيسة منها والثانوية ما يكفل لطرفي العلاقة الانسجام ومد جسور التفاهم في أقصر فترة ممكنة من بداية العلاقة الزوجية. وعلى الرغم من كونهما غير متطابقين كجنسين ذكراً وأنثى، وأن لكل منهم ثقافته وبيئته وسماته ودوافعه وأهدافه ووظيفته المختلفة عن الآخر إلا أنهما عندما يتوافقان في عدة جوانب مهمة وحيوية يحدث التفاهم سريعاً، وهذا التفاهم سيعطي للحياة معنى ويساعد في إيجاد روح التعاون والمحبة بين الشريكين. فالزوجان في هذه الحالة يقدران أهمية الاهتمامات المشتركة بينهما ويحترمان اختلافاتهما ويسعيان لأن يكونا شريكين استثنائيين من خلال إيجاد الإبداع والابتعاد عن روتين الحياة الزوجية الممل. إن من ينادي بوجوب الارتباط بالنقيض من أجل تحقيق التكامل، بمعنى يكمل كل منهما الآخر مخطئ، لأنه لا يدرك كم من السنوات التي قد تمضي عليهما لبناء حياة جديدة لا تنشأ آلياً أساسها نقيضين مختلفين وقد تتحقق هذه الحياة وقد لا تتحقق. ومن النادر وجود زوجين لديهما رغبة صادقة في قبول اختلافاتهما والاستفادة منها وتطويعها لإقامة علاقة تكاملية تبادلية، فإما أن يقعا في علاقة تنافسية حماسية أو علاقة باردة بلا روح، وكلا العلاقتين لن تُنتج الاستقرار، وسيذهب كل منهما في اتجاه معاكس، ليعيشا كما لو كانا منفصلين كل واحد في اتجاهه ويعيش حياته الخاصة. بينما لا يحدث ذلك في علاقة يكون طرفاها متوافقين في جزءٍ من كل، أو كل فسرعان ما يتفاهمان ويستقران في بداية علاقتهما. ويعود زواج الأفراد المتناقضة إلى الزواج التقليدي الذي هو أحد أسباب فشل أكثر الزيجات في مجتمعنا باختصار لأن رأي الأهل قد لا يكون رأياً حكيماً ولا عادلاً فيما إذا كان المقدمون على الزواج ملائمين لبعضهما أم لا. ولأنه من الصعب الشروع في علاقة صادقة بهدف الارتباط وهذا ما اعتادت مجتمعاتنا المحافظة عليه وإن حدث هذا يكون نادراً جداً، وقد تتوج العلاقة بالزواج أو تنتهي عند اكتشافها. الواجب من أولياء الأمور عندما يفرضون على أبنائهم زواجاً تقليدياً أن يمنحوهم فرصة طويلة للتعارف قبل الاقتران، لأنه كلما طالت فترة التعارف بين الخطيبين المقبلين على الزواج، أدت إلى تلاحم علاقتهما الزوجية مستقبلاً شرط أن يكونا صادقين ومنفتحين على بعضهما بعضاً، في هذه الحالة لا يهم إن كانا مختلفين أم متوافقين فالأهم الانسجام الذي سيحقق حياة تكاملية مستقبلية على الرغم من الاختلافات أو ينبئ بحدوث حياة مكتملة أصلاً من خلال شريكين متوافقين في الأساس. خاتمة: يصبح الزواج سعيداً ومستقراً متى ما وَجد شريكاً مناسباً فكراً و ذوقاً و ميولاً.