هل تقبل الزواج عبر «الفيس بوك».. هذا السؤال تجده حاضراً في أذهان معظم رواد مواقع التواصل الاجتماعي من الشباب والشابات الذين يقضون ثلثي وقتهم أمام الشاشات الذكية، باعتبار هذه المواقع المفتوحة والرحبة بيئة خصبة للعلاقات والتعارف الذي يبدأ بطرح الهموم والقضايا والمعاناة فيكون التفاعل والحوار الذي ينتهي بعضه بالإعجاب المتبادل تأثراً برومانسية المسلسلات التركية. نفس التخصص تقول فاطمة الأحمدي (طالبة جامعية): تعرفت على زوجي عبر الفيس بوك، وكان زوجي طالبا في نفس الجامعة، وفي إحدى المرات كنت أبحث عن بعض المواد الدراسية فوجدته يدرس نفس تخصصي، فتبادلنا الأفكار وبعد فترة المراسلات وكان الإعجاب المتبادل فسأل عن أسرتي وتقدم لخطبتي بعد التفاهم والقبول اقترنا، ودائماً ما يقول زوجي «وجدت الإنسانة التي تناسبني وفي مستواي العلمي وهذا هو الأهم ولا يعنيني كيف كان اللقاء إطلاقا». الفيس بوك وفي موازاة ذلك، يرى طارق الحميدي (فني أجهزة دقيقة في محطة تحلية مياه) أن الذي يبدأ بكذبة ينتهي كذلك بكذبة، وأي فتاة تصدق كذبة الزواج عبر الشبكة العنكبوتية فهي واهمة، وقال: لا أقبل الزواج بهذه الطريقة، وأعتقد أن معظم الشباب السعودي يوافقني على ذلك، فمن أراد الزواج من فتاة وكان صادقاً عليه طرق باب أسرتها دون أن يجر قدميها بوعود مزيفة سرعان ما تنكشف في أول اختبار. وأضاف: بعد الزواج تحوم الشكوك والريبة بين الطرفين على خلفية علاقة الفيس بوك التي جمعت بينهما. لا شكوك وعلى النقيض من ذلك، أوضح محمد باقطيان مدير مالي، أن ثلاثة من أصدقائه تزوجوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويعيشون حياة يملأها التوافق، وقال: يعتمد الأمر على التفاهم بين الزوجين وتفهم الأسرتين للأمر، أما مسألة الشك فكما يقول المثل الشعبي: «كل يرى الناس بعين طبعه»، فإذا تعددت علاقات الرجل وكذلك الفتاة قبل الزواج، فكل طرف ينظر للآخر بنظرة العلاقات السابقة ويسقط أفكاره عليها، ففي بلدان مثل الشام ومصر وغيرهما من الدول، يتم الزواج عادة إما عبر التواصل الاجتماعي أو بأي وسيلة أخرى ويتم الزواج ويكلل بالأبناء ولا توجد هناك شكوك التي أساسها الوسوسة غير المبررة. نظرة المجتمع ومن جهته يقول محمد الصالحي: ان الفيس بوك مجرد وسيلة تعارف مثله مثل أية وسيلة تواصل أخرى، وعندما يصل التعارف إلى درجة الارتباط العاطفي المنتهي بالزواج الشرعي، فأراه شخصيا أمراً طبيعياً بغض النظر عن نظرة المجتمع. وأضاف: يجد الشاب صعوبة في الإفصاح لوالد الفتاة عن الوسيلة التي تعرف من خلالها بابنته سواء كانت عبر الانترنت أو العمل لأن المجتمع لا يتقبل هذا النوع من التعارف سواء كان بنية الزواج أو غيره ويعتبره أكبر المحرمات، وأي تعارف بين الطرفين لا بد أن يكون تحت عين العائلة. صدق النوايا بدورها، قالت سارة الزبيدي، اذا تقدم شاب لابنتي لخطبتها بعد التعارف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فسأقترح عليها أن تطلب منه أن يبعث أسرته إذا كان صادقاً، وبعد التأكد من صدق نواياه لا بد من مفاتحة والدها بالأمر وإبلاغه بأنني تعرفت على والدة الشاب عن طريق العمل أو عبر قريباتي فالأعذار كثيرة ولن أقول هذا عريس الشاشة الذكية. وأضافت: أنصح كل أم بالاقتراب من ابنتها في مرحلة المراهقة ونصحها ومراقبتها حتى لا تتهور الفتاة في إرسال صورها. فيما ذكرت نادية العزيزي، بأنها لن تفاتح أهلها بأمر التعارف عبر «الفيس بوك» في حال تقدم الشاب لخطبتها من أسرتها، ولكن المهم العريس نفسه ونظرته المستقبلية، ومن المؤكد أن يذكرني بأنه عرفني عبر «النت» في حالة غضب. إلى ذلك، لا تعتبر الاخصائية الاجتماعية أمل فروانة، ان الفيس بوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي النافذة الاجتماعية للخطوبة الآن، ولا أرى فيها مصداقية وإن كانت هناك من مصداقية أثناء فترة الخطوبة فهي من باب الصدفة ليس أكثر. وأضافت: بصراحة شديدة يمكنني أن اتعرف على افكار شخص ما، ولكن لا يمكنني ان اتزوج عبر الفيس بوك وغيره، وأحياناً تجد الشاب يكذب على الفتاة أثناء فترة الخطوبة الرسمية والحالات العادية ولا أتصور كيف سيكون الموقف إذا كان التعارف تم عبر التواصل الاجتماعي. وزادت: من المقبول ان يكون التعارف والتواصل بين الطرفين عبر الشبكة العنكبوتية بعد الخطوبة الرسمية لتبادل الآراء، أما في الحالات غير العادية فبإمكان الشاب التلاعب بالفتاة واستغلالها باسم الخطوبة، خاصة أن 40 في المائة من الصور تكون مزيفة وغير حقيقية. وذكرت أمل فروانة، أن شخصية الفتاة والشاب اختلفت عن السابق، ولم يعد الشاب ذلك الذي يفكر في الزوجة التي يرتبط بها ويعيش معها العمر كله، فيما أصبح تفكير المرأة أكبر من أن تكون متزوجة فقط بل صارت لها أطماع وأحلام تنوي تحقيقها لأن المعيار والطموح تغير كذلك، فنظرة المرأة للمستقبل اختلفت تماما حتى فيما يتعلق بشخصية الرجل، بدليل النسب الكبرى للطلاق مقارنة بحجم المشكلات التي تقع على عاتق كل منهما.