أكد اقتصاديون أن المملكة حددت سعر برميل النفط في تقديراتها لميزانية 2014 عند سقف 85 دولاراً لجميع الفترات طوال العام مع تقييم حجم الإنتاج وراعت الميزانية طبقاً للمختصين ثلاثة جوانب رئيسة هي: المعطيات الجيوسياسية أولاً، ومستوى الطلب على النفط ثانياً، وحصص الإنتاج المقررة في أوبك للمملكة ثالثاً، متوقعين أن تراجع أوبك أكثر من مرة مستوى الإنتاج، حيث ستشهد حصص الدول الأعضاء تغيرات خلال العام الحالي لانخفاض إنتاج بعض الدول أو تخفيف عقوبات على دول أخرى، وأشار الاقتصاديون إلى أن حجم الإيرادات سيتراجع اعتباراً من العام المقبل. من جهته، قال أستاذ الاقتصاد الدكتور محمد السلطان إن سعر 85 دولاراً للبرميل جيد لبناء الميزانية، لكنه أشار إلى ضرورة أن يشهد الاقتصاد المحلي تحكماً أكبر فيها بعد النمو الهائل والمتسارع في حجم الإنفاق الذي ينمو سنوياً بمعدل 15%، وتابع السلطان أن الإنفاق العالي سيقابله مزيد من التضخم وعدم قدرة القطاع الخاص على مواجهة تحديات ضغط الإنفاق لوجود الفوائض الكبيرة ما سيؤدي إلى ضعف جدوى الإنفاق ويرفع التكلفة العامة ما يؤدي إلى انخفاض معدلات الكفاءة، خاصة في الاقتصادات الرعوية، لافتاً إلى أن استمرار الإنفاق سيخفض معدلات الفوائض المالية مستقبلاً بسبب الاتساع ويحد من فرص تنوع الاقتصاد لضعف المنافسة مع القطاع النفطي كنتيجة لتحويل الإيرادات إلى مشاريع حكومية بحتة. وتوقع السلطان أن يشهد العام المقبل تراجعاً في الإيرادات أقل من العام الحالي بحدود تريليون مقابل إنفاق عالٍ سيصل إلى 966 مليار ريال، مبيناً أن العام المقبل لن يشهد فائضاً مالياً يزيد على أربعين ملياراً فقط. وأفاد السطان بأن المملكة ستدخل مرحلة العجز المالي بحلول 2015م في ظل تراجع الإيرادات منذ العام الحالي. وشدد على ضرورة تخفيف المبالغة في الصرف الحكومي لأسباب تتعلق بارتفاع معدلات التضخم، الذي سترفع كلفته المنتجات السعودية في الأسواق العالمية ما يضعف من حجم منافستها. مطالباً الجهات المسؤولة بتخفيض حجم الإنفاق من العالي إلى مرحلة الإنفاق المستقر. من جهته، قال أستاذ الاقتصاد في جماعة الطائف الدكتور سالم باعجاج إن الميزانية قدرت عند 85 دولاراً للبرميل كإجراء تقليدي للدول ذات الثروة الواحدة بسبب المخاوف من أي تقلبات في الأسعار مستقبلاً، واتفق مع السلطان حول ضرورة تخفيض حجم الإنفاق لرفع مستوى الكفاءة والجودة للحيلولة دون تعثر المشاريع التي ستصبح تكاليفها أعلى من الطبيعي أو المقدر عند تعثرها وبالتالي ترتفع فاتورة التكاليف على الدولة. وقال إن حجم الإنفاق العالي الناجم من ارتفاع الإيرادات سيبدأ يتراجع بوضوح خلال الأعوام المقبلة لأن المصروفات تنمو بنسب مرتفعة خلال السنوات الخمس الماضية. ولفت باعجاج إلى أن السوق المحلي لم يعد قادراً للاستجابة المثالية للتصدي لمشاريع الدولة، خاصة في مشاريع المدارس والإسكان والطرق والمستشفيات التي باتت ترحل إلى ميزانيات جديدة رغم ترحيل كل تكاليفها وشدد على ضروة استغلال الإنفاق في توفير فرص عمل مستدامة وذات أجور مناسبة للشباب لأن كل المعطيات تلزم الجهات التنفيذية بتفعيل توجهات الدولة لتحقيق نتائج إيجابية توازي حجم إنفاقها. بدوره، قال المتخصص الاقتصادي الدكتور إحسان بوحليقة إن سياسة المملكة الإنفاقية تركزعلى العنصر البشري والخدمات العامة والمرافق لتحويل الموازنات الضخمة إلى منافع حيوية. وأفاد بأن التوازن بين التقديرات في النفقات والإيرادات يراعي بدقة المصروفات الطارئة أو العاجلة أو التعديلات المطلوبة على السياسة الإنفاقية، خاصة للمشاريع مثل ما يظهر لمشاريع توسعة الحرمين الشريفين. وأكد أن الضخ المالي الهائل خلال السنوات الأخيرة يهدف للتحول إلى المجتمع المعرفي وتنويع الاقتصاد وإيجاد فرص الوظائف المستدامة في كل القطاعات. وعن استمرار التقدير التحفظي والصرف الأعلى من المقدر، قال بوحليقة إن المملكة تنتهج أسلوباً يمكنها من ضبط النفقات في الاتجاه الصحيح مراعاة لكون النفط سلعة قد تتأثر بالتقلبات في المستقبل ما يعطي الدولة مساحة أكبر لو انخفضت الأسعار مستقبلاً. وبخصوص الاعتماد الكلي على النفط في تقدير الموازنات والمصروفات، أكد بوحليقة أن الإيرادات متنوعة من القطاعات غير النفطية، لكنها لا تصل إلى درجات متقدمة على اعتبار أن الدولة لا تعتمد على مداخيل غير الرسوم مقابل بعض الخدمات إلا أنه أضاف أن الدولة تهتم بالقطاعات الإنتاجية الأخرى لتنويع مصادر الدخل، خاصة أن الإيرادات غير النفطية لا تعد ثابتة مثل الرسوم الجمركية والخدمات والرخص للاستثمار الأجنبي ومخصصات الزكاة وغيرها.