رجح عدد من الخبراء في الشؤون الاقتصادية أن تكون الميزانية الجديدة للدولة التي ستصدر قريبا توسعية، وأن تكون أرقامها أعلى من الميزانية للعام الماضي. وتوقعوا في تصريحات ل «عكاظ» أن يبلغ الفائض نحو 60 مليار ريال سعودي، وأن يبلغ حجم الإيرادات الفعلية نحو 1.185 تريليون ريال، 95 في المائة منها إيرادات نفطية؛ أي ستزيد عن الإيرادات التقديرية التي أعلنت سابقاً ب 540 مليار ريال. بداية قال الخبير في الشؤون الاقتصادية الدكتور إحسان بوحليقة إنه رغم صعوبة تقدير المصروفات فإنها عادة ما تتجاوز المصروفات التقديرية بما متوسطه 15 في المائة، يضاف إلى ذلك أن هذا العام شهد إنفاقا إضافيا نتيجة لما أعلن عنه من مبادرات وبرامج أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، غير أنه مع الأخذ في الاعتبار هذه التحفظات، فإنه يمكن توقع المصروفات الفعلية توقعاً تأشيرياً في حدود 704 مليارات ريال. وتوقع أن يبلغ حجم الإيرادات الفعلية للميزانية، التي ينتظر أن تعلن خلال أيام نحو 1.185 تريليون ريال، 95 في المائة منها إيرادات نفطية، مبيناً أنها ستزيد على الإيرادات التقديرية التي أعلنت سابقاً ب 540 مليار ريال. وأضاف أنه في حال صحة هذه التوقعات التأشيرية فإنها ستتجاوز ما كان مقدراً للمصروفات العامة في ميزانية 2011 بنحو 30 في المائة؛ أي ما يوازي 174 مليار ريال. ورجح بوحليقة أن يتحول العجز الذي ورد في بيانات وزارة المالية السعودية حول مؤشرات 2011 إلى فائض، بالرغم من الإنفاق الكبير من قبل الحكومة، مرجعاً السبب في ذلك إلى تماسك أسعار النفط، وبلوغها ما قدرته الميزانية العام الماضي. زيادة الإنفاق وأوضح أن التوقعات تشير إلى أن الإنفاق الحكومي في 2012 سيتجاوز ما أنفق في 2011 بالنظر إلى ما استجد من نفقات ومخصصات صاحبت الأوامر الملكية التي أعلن عنها العام الجاري، ومنها ما خصص للسكن، (250 مليار ريال) واستحداث آلاف الوظائف في القطاع الحكومي، وغير ذلك. وأضاف أن كل المؤشرات تشير إلى أن أسعار النفط ستكون أيضاً متماسكة العام المقبل، وهذا سينعكس إيجاباً على إيرادات الخزانة العامة، وسيغطي النفقات الحكومية، وحتى الإضافية منها، إلى جانب أن الاقتصاد السعودي في أفضل حالاته، تبعاً للإنفاق الحكومي الاستثماري، الذي أشار إلى أنه بلغ في 2011 نحو 256 مليار ريال، في حين أنه كان في 2003 نحو 36 مليار ريال. وقال: إن المملكة واجهت خلال الأعوام الماضية عديدا من القضايا الاقتصادية، والاجتماعية الشائكة، واهتمت بشكل كبير في ذلك على الإنفاق الاستثماري، لافتاً إلى أن السعودية، من خلال هذا المبدأ في الإنفاق، اتجهت إلى تعميق التنمية المتوازنة في البلاد، وتنويع الاقتصاد. وأكد أن الاقتصاد السعودي أمامه عدد من التحديات الكبيرة، تتمثل في مواصلة جهود التنويع الاقتصادي، والارتقاء بالاستفادة من الموارد البشرية المحلية إلى أكبر حد، مبيناً أن ذلك سيتأتى من خلال الاستفادة من استراتيجية التوظيف السعودية التي أقرها مجلس الوزراء قبل عامين، باعتبارها تمثل حزمة من الحلول تهدف إلى الارتقاء بنوعية الفرص المتاحة للشباب من الجنسين. فائض 60 مليارا من جانبها، توقعت الخبيرة الاقتصادية انتصار القحطاني فائضا في موازنة العام الحالي بنحو 60 مليار ريال، مشيرة إلى أن تقديرات المصروفات الحكومية تتراوح بين 620 مليار ريال (165 مليار دولار) وإيرادات بحدود 685 مليار ريال (182.6 مليار دولار). وأشارت إلى أن سعر النفط اللازم لموازنة الميزانية العامة في العام الجاري هو 72 دولارا للبرميل مقارنة مع 66 دولارا للبرميل في العام 2009، و52 دولارا للبرميل في العام 2008، مرجحة أن يرتفع سعر النفط في العام المقبل مجددا ليتجاوز 75 دولارا للبرميل ما يترك للمملكة هامشا ضيقا للمناورة في حال تراجع أسعار النفط إلى ما دون المستويات الحالية. وحول أداء الاقتصاد السعودي، قالت إن الاقتصاد السعودي استمر في التحسن الملحوظ في أواخر العام الجاري مقارنة مع بداية العام، وذلك بفضل أسعار النفط القوية وانتعاش قطاعات الأعمال والمال والتجارة والسياحة، وانحسار الضغوط التضخمية إلى ما دون المستويات القصوى التي سجلت في فصل الصيف. ميزانية توسعية أما الباحث الاقتصادي محمد سعد القرني فتوقع أن تكون ميزانية العام الحالي توسعية وأرقامها أعلى من أرقام الميزانية للعام الماضي. وقال إن الميزانية ستعلن في ظل ظرفين متباينين الأول هو الأزمة المالية في الدول الأوروبية أو ما يسمى بمنطقة اليورو، والتي بلا شك تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي ككل وهو ظرف سلبي على الاقتصاد العالمي، أما الظرف الثاني فهو ارتفاع أسعار البترول وهو إيجابي للاقتصاد السعودي لاعتماد الميزانية السعودية على البترول بشكل كبير جدا. وتوقع أن تلامس إيرادات الدولة الألف مليار ريال هذا العام منها إيرادات غير نفطية تتجاوز مائة مليار ريال. أما عن تحديد رقم للميزانية فقال «من الصعوبة بمكان تحديد رقم معين خصوصا في ظل نفقات إضافية ستحمل على ميزانية هذا العام منها مكفآت «حافز» التي لم تتضح الرؤية بشأنها بشكل جيد». وأشار إلى أن إعلان ميزانية توسعية وبأرقام أعلى مما سبق، سيسهم ولو نسبيا في ارتفاع نسبة التضخم المتنامية في المملكة، وإعلان ميزانية بأرقام أقل سيحد من ارتفاع نسب التضخم ولو بشكل نسبي. وتمنى تخفيض رقم الميزانية لعام واحد فقط على ألا يمس جوهر الميزانية وذلك بتأجيل المشاريع غير الملحة مثل الحدائق وتزيين المدن ومداخل المدن والأثاث وبعض البنود التي لا تخل بمصلحة المواطن بشكل خاص أو المصلحة العامة بشكل عام، وذلك لغرض التقاط الأنفاس والانتهاء من المشاريع المتعثرة في الميزانيات الماضية والتي يتنافس عليها نفس العدد من المقاولين تقريبا.