مع مرور الأيام تتشابك خيوط قضية "خلية حزب الله" في مصر وسط تعقيدات سياسية وأمنية، تلاقت فيها خلافات الداخل والخارج، في حين أظهرت تحقيقات النيابة العامة مع "أعضاء الخلية" مفاجآت جديدة. وقد رفض الإخوان المسلمون، أكبر قوى المعارضة المصرية وأكثرها تعاطفا مع المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، اتهام حزب الله اللبناني بمحاولة تنفيذ عمليات داخل مصر. فبينما كان نواب الأغلبية وبعض المستقلين في جلسة البرلمان أول أمس الثلاثاء يصبون غضبهم على قادة الحزب، ويصفونهم بأنهم مجرمون وإرهابيون، قال النائب صبحي صالح عضو الكتلة البرلمانية للإخوان (86 نائبا)، إن "الرأي العام المصري يعتز بمقاومة حزب الله وحماس، وبكل موقف معارض للمشروع الصهيوني الأميركي". وأكد صالح رفض الإخوان المسلمين للحملة الإعلامية التي صاحبت القضية، وقال إنها سعت للنيل من المقاومة سواء حزب الله أو حماس. في المقابل، قال وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية المصري مفيد شهاب إن ما ارتكبه حسن نصر الله (الأمين العام لحزب الله) تعدّ على السيادة المصرية، وهو بمثابة أعمال إرهابية، لكنه يريد خلط الأوراق، ونؤكد أن نبل الهدف لا يعني اللجوء لوسيلة غير مشروعة". تخريب واختراق : أما رئيس البرلمان أحمد فتحي سرور فقال خلال الجلسة إن "ما أقدم عليه حزب الله اللبناني يعد عملا من أعمال التخريب وعملا إجراميا". وأردف سرور قائلا "لقد أعجبنا بحزب الله عندما قاد المقاومة ضد إسرائيل في جنوب لبنان، ووقفت مصر مع لبنان، ولكن مصر ترفض أن يتحول هذا الحزب إلى تنظيم إجرامي داخل أراضيها". أما تنظيم "الجماعة الإسلامية" الذي صار أكثر لينا تجاه النظام المصري إثر المراجعات الفقهية والإفراج عن قياداته بعد عشرات السنوات من السجون، فقد أعلن تأييده للاتهامات التي وجهتها القاهرة إلى حزب الله. ودعت الجماعة إلى "خطة شاملة لمواجهة الاختراق الشيعي" في مصر. وحذر القيادي بالجماعة عصام دربالة في بيان نشر على موقع الجماعة الإلكتروني مما أسماه "محاولات حثيثة ومستمرة لإحداث اختراق شيعي لمصر وغيرها سواء صدرت عن تنظيم حزب الله أو غيره". واعتبر أن تلك المحاولات "حققت نجاحات جزئية في أماكن عديدة بمصر مستغلة حالة التعاطف الجماهيري مع حزب الله عقب انتصاره الجزئي في حرب عام 2006 مع إسرائيل في ظل تعطش الشعوب العربية والإسلامية لتحقيق أي نصر أو نكاية بإسرائيل". مفاجآت بالتحقيق: وفي سياق متصل فجرت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا المصرية مع المتهمين في القضية، مفاجأة مدوية بعدما أقر أحدهم بقيام عضوين مصريين بالتنظيم بتنفيذ "عملية ناجحة" في تل أبيب، قبل اعتقال الخلية بنحو أسبوع. وقال المتهم المصري إيهاب القليوبي في محضر التحقيقات إنه تقابل مع اللبناني سامي شهاب -المتهم الرئيسي الذي أقر نصر الله بانتمائه للحزب- مرتين في عامي 2007 و2008 بمنطقة العريش وبالتحديد في منزله، وإن إيهاب قابله مع المتهم الفلسطيني ناصر أبي عمرة. وروى القليوبي أنه قبل اعتقاله بأسبوع تقريبا، حضر "أبو عمرة" إلى منزله بصحبة رجلين تبدو عليهما الملامح المصرية وبحوزتهما أحزمة ناسفة وقضوا تلك الليلة في منزل القليوبي ثم غادر الرجلان في ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي، وعندما سأل القليوبي بعد ثلاثة أيام عن الرجلين، أبلغه "أبو عمرة" أنهما كانا مكلفين بتنفيذ عملية في تل أبيب بإسرائيل ونجحت.