مهما حاول المرجفون أن يكسبوا الوقت، ويباعدوا بين مواعيد جلسات محاكمات الفاسدين السياسيين ولصوص المال العام وسارقي أراضي الدولة، ومهما طال أمد المحاكمات أو تأجيلها، بمساعدة البقية الباقية من المتنفذين من ذيول وفلول النظام البائد، فإن المواطن المصري يؤكد أن حقه لن يسقط بالتقادم، وسوف لن يتهاون في المطالبة بمحاكمة هؤلاء المجرمين وملاحقتهم إلى الأبد. فالمواطن المصري قد نزع تلك اللهاية (البزازة) التي أرغمه ذلك النظام على لثمها طيلة سنوات الظلام الثلاثين ليلهيه عن مجرد التفوه، ناهيك عن المطالبة بحقوقه، ولن يسمح هذا المواطن بعد الآن لكائن من كان أن يجبره على تلقفها مرة ثانية. الأخبار التي تأتي متواترة عن تأجيل النظر في قضايا الفساد وقضايا القتل المتعمد لشهداء الثورة وقضايا غسيل الأموال والاستيلاء على أراضي الدولة، تصيب الكثيرين بخيبة أمل شديدة، لأن التأجيل يأتي تارة بدعوى نقل المحاكمة من مكان إلى آخر لاحتياطات أمنية، وتارة بدعوى إحراج هيئات المحاكم لوجود علاقات قرابة ومصاهرة بين أعضائها وهيئات الدفاع عن المتهمين، وتارة لعدم مثول الشهود أمام هيئة المحكمة، وتارة أخيرة لإحالة ملف القضية لمحكمة أعلى لتحديد دائرة أخرى للنظر فيها. "وحلني على ما يحددوا مواعيد جديدة، ومحاكم جديدة وقضاة ليس لهم أي علاقات مع أي من محاميي المتهمين". لصالح من يحدث هذا؟ ثم يخرج علينا من يلقي باللائمة على المواطن المتعجل –على حد قوله- فيتهمه بسوء النية تجاه هذه التصرفات. ناصحا مرددا: "يا جماعة خلي عندكم ثقة، اعطونا فرصة"! أي ثقة.. وأي فرصة.. وأي حسن نية.. وقد أصبح الناس يشكون في أصابع أيديهم بسبب التباطؤ في رد المظالم، وربما التواطؤ، كيف للمواطن أن يطمئن، وقد مر على جريمة 28 يناير أكثر من الشهرين، ولم يتم البت في أي شيء..! 60 يوما.. ألم تكن كافية لمحاكمة قاتلي شباب الثورة الذين ثكلتهم أمهاتهم، ورضوا بقضاء الله وقدره، فقبروا معهم الأحلام والآمال، ممنين أنفسهم بالقصاص العادل الذي لم يشفِ غليلهم حتى الآن. 60 يوما ومازالت القضايا تؤجل وتنتقل من دائرة إلى أخرى لأسباب عجيبة غريبة وربما فقط لإضاعة الوقت. رغم أن المجرمين معروفين، ولا يشك أحد بل إن هناك أجماع على فسادهم وضلوعهم في الجرائم المنسوبة إليهم. يا ناس حرام عليكم.. كفاية.. لقد انتهى عصر الظلام.. والضحك على الذقون.. وأعتقد أن المواطن المصري لم ولن يسمح لنفسه أن ينقاد أو يغرر به مرة ثانية.. ولن يرتضي أن يكون أضحوكة مرة ثانية.. وسوف لن يتنازل عن حقه في تحقيق العدالة وتطبيق القانون. يا سادة.. العدل أساس الحكم.. وما يحدث من تأجيل هذه المحاكمات وعدم الضرب بيد من حديد على أيدي هؤلاء المجرمين يصب في مصلحة الظلم.. والمطلوب هو الإسراع في محاكمة الفاسدين من صغيرهم إلى كبيرهم الذي علمهم الضلال.. فهذه المحاكمات هي الخطوة الأولى في خطوات تحقيق العدالة التي نصبو إليها ونرجوها من شرفاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومخلصي حكومة عصام شرف. حسام الشيخ علامي مصري