قبل أشهر عدة تناولت الصحف المحلية الحديث عن مسلسل «قصة من الأدب السعودي» الذي ستعرضه القناة السعودية الاولى كعمل درامي يصور واقع المجتمع السعودي عامة والحجازي خاصة من خلال قصص صاغها أدباء سعوديون في خطوة أراد من خلالها المنتج الاستفادة من خبرات البرنامج الاذاعي السابق «قصة من الأدب السعودي» الذي كانت تبثه اذاعة البرنامج الثاني. وقبل الخوض في الحديث عن العمل وما إذا كان يستحق العرض عبر القناة السعودية الاولى خلال شهر رمضان المبارك فإن هناك أكثر من وقفة درامية وفنية تبرز ما حمله العمل من اخطاء تمثلت في الحبكة الدرامية للقصة فضلاً عن ديكورات التصوير التي يبدو أن المنتج لم يسع لاختيارها بشكل يناسب المرحلة التي تتحدث عنها القصة. ولا يمكننا أن نتوجه بالشكر للمنتج الأستاذ محمد بخش الذي تذكر أدباءنا وخرج لنا بهذا العمل. غير أنه يمكننا أن نتوجه له بالشكر لو أنه لم ينفذ هذا العمل بهذه الصورة التي اساءت لأهالي الحجاز عامة وسكان مكةالمكرمة خاصة وحولتهم إلى مجرد شخصيات متسلطة ساعية للكسب المادي. ففي الحلقة الاولى أراد المنتج أن ينقل لنا قصة للاديب الراحل أحمد السباعي عن بعض الأسواق الشعبية في مكةالمكرمة وتحديداً سوق باب العمرة من خلال قصة خليل السلتاني وعامله أبو طافش. وقد جاءت الحلقة الاولى حاملة الكثير من الاخطاء الفنية التي لا يمكن تجاوزها والتي يمكن القول من خلالها إلى أن العمل لم يكن عملاً سعودياً تلفزيونياً بقدر ما جاء كعمل تجاري استهدف من خلاله المنتج الربح المادي السريع أكثر من استهدافه لتصوير واقع المجتمع المكي سابقاً على واقعيته العفوية. وبدا ذلك واضحاً من خلال الديكورات المستخدمة التي صورت سوق باب العمرة خلال الفترة السابقة على غير واقعه الحقيقي إذ جاء اختيار الديكورات والخلفيات الفنية مختلفاً كلياً للحقيقة بدأ من نخلة الزينة الموضوعة مع مجموعة الاشجار خلف «دكان» خليل ودخول «الحمار» وأكله للفواكه المعروضة للبيع. فخلفيات الديكور تعني أن هناك خطأ فنياً ارتكبه مهندس الديكور إذ أن الجميع يعرفون بأن مكةالمكرمة لم تشهد دخول زراعة نخيل الزينة خلال السنوات التي تحكمها القصة فدخولها جاء خلال السنوات العشر الأخيرة بعد عمليات الهدم التي شهدها باب العمرة والسوق الصغير. ثم إن منطقة باب العمرة التي كانت مواجهة للحرم المكي الشريف لم تكن تضم أي نوعية من الاشجار حتى في جزرها الوسطية بالشوارع. وحينما دخلت الزراعة للارصفة استخدمت أمانة العاصمة شجر النيم وزرعته داخل شباكاً حديدية حفاظاً عليه من الأغنام السائبة خلال تلك الفترة. وهذا ما يؤكده سكان باب العمرة والوثائق التاريخية التي تحكي قصة عن هذه المنطقة وسكانها. وبالعودة إلى واقع القصة تلفزيونياً نرى أن المنتج كان تجارياً أكثر مما كان فناً وهذا ما يلحظ عليه في مضمون الحلقة وتحديداً في موقف رجل مع أطفال كسروا «اتريك البلدية» دون أن نعرف كيف تمت عملية الكسر أهي بكرة قدم أم بحجارة؟.. ثم من هو الشخص الذي تبرع بثلاثة قروش قيمة «الا تريك» ومن هو الشخص الذي قبضها وما وظيفته؟.. ثم كيف «الاتريك» مكسوراً في موقعه على الأرض دون أن يبعد عن الطريق رغم انه من الزجاج الذي يؤثر على القدمين وازالته عن الطريق صدق؟.. فهل أراد المنتج أن يصور واقع المجتمع المكي سابقاً على انه مجتمع مادي بحت غير مهتم بالاضرار التي ستلحق بالآخرين. ولا يمكن القول بأن الحلقة الاولى بداية لعمل جيد قادم فالملاحظ أن المنتج لم يترك مضمون القصة كما وضعها المؤلف وعاب عليه ذلك إذ سعى لتغيير ملامحها وخرجت بشكل مؤلم من خلال سرد كلمات بذيئة ككلمة «التكرار يعلم الحمار». ولم تكن هذه الكلمة هي الخطأ الوحيد الذي ارتكبه المنتج فثمة خطأ آخر تمثل فيما قاله العمدة لنقيب الحارة المكلف بتسليم البلاغات إذ طلب منه المرور على داره واخبار أهله بتضبيط براد الشاهي. وطلب العمدة مثل هذا الطلب يوحي بأن النقيب ليس موظفاً حكومياً يتقاضى مرتبه من الدولة وانما هو خادم خاص للعمدة يحركه كيفما يشاء. ولم تكن مثل هذه الاخطاء هي الوحيدة فمن تابع العمل منذ بدايته يلحظ غياب المونتاج إذ لوحظ تكرار الكلمات مما يعطي دلالة على أن الهدف ليس اخراج عمل تلفزيوني جيد بقدر ما هو عمل اعتمد على القص واللصق. ويبقى على التلفزيون السعودي ان يقف موقفاً حازماً تجاه الأعمال الدرامية المحلية والا ينظر اليها كأعمال محلية تستحق الدعم والتشجيع فهناك الكثيرون يشاهدون القناة السعودية وما يعرض فيها من برامج وخطأ واحد يسيء للكل.