لم تنجح ستة أيام من المشاورات المتواصلة في تقليص التباعد في المواقف بين إيران والدول الكبرى حول تخصيب اليورانيوم والعقوبات، وهما البندان الرئيسيان في اتفاق يضع حدا لاثني عشر عاما من التوتر الدبلوماسي. وكثف الوزيران الاميركي جون كيري والايراني محمد جواد ظريف اجتماعاتهما الثنائية وتناولا مختلف السيناريوات حول السبيل الافضل لمواصلة المفاوضات وفق ما نقل مصدر ايراني. واقرت الولاياتالمتحدة بدورها بالعمل على فرضية تمديد لا تعرف مدته، علما بان مصدرا ايرانيا تحدث لوكالة الأنباء الفرنسية عن "ستة اشهر او عام". لكن خيار التمديد ينطوي على مخاطر سياسية للرئيس الايراني المعتدل حسن روحاني ونظيره الاميركي باراك اوباما. وفي هذا السياق، اشارت المحللة كيلسي دافنبورت الى ما سمته "المتشددين الذين يريدون تقويض الاتفاق سواء في واشنطن او طهران". ويريد المجتمع الدولي ان تقلص ايران قدراتها النووية لاستبعاد اي جانب عسكري، في حين تطالب طهران بحقها في نشاط نووي مدني شامل وتدعو الى رفع العقوبات الاقتصادية عنها. ويتفاوض الجانبان استنادا الى اتفاق مرحلي وقع في جنيف قبل عام تماماً ومدد للمرة الاولى قبل أربعة أشهر. ويقضي هذا الاتفاق بتجميد قسم من الانشطة النووية لايران مقابل رفع جزئي للعقوبات الدولية. واعتبر المصدر الايراني ان تمديد الاتفاق "سيكون اهون الشرين"، مؤكدا ان الأسوأ سيتمثل في "مناخ من المواجهة مع تصعيد من هذه الجهة وتلك. مثلا، ان يتم الرد بعقوبات جديدة بتطوير للبرنامج النووي". وفي ضغط جديد على ايران، اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما ان "كل المجتمع الدولي يقف الى جانبه"، وذلك في مقابلة مسجلة مع تلفزيون ايه بي سي. ولإضفاء المزيد من الزخم على هذه الجهود يعتزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاتصال بنظيره الايراني حسن روحاني. واعتبرت الخبيرة كيلسي دافنبورت ان تمديدا للمفاوضات لأشهر عدة "لن يكون له أي فرصة" للنجاح. وفي المقابل، رأت هذه الخبيرة في شؤون حظر الانتشار النووي ان "تمديدا قصيرا لوضع اللمسات الاخيرة على تفاصيل اتفاق" في حال إحراز تقدم كاف، هو امر واقعي. وعلى الصعيد القانوني فإن التمديد يمكن ان يتخذ شكل تمديد لاتفاق جنيف او مجرد مهلة لحسم تفاصيل تسوية سياسية غير ان هذا الخيار الثاني يفترض ان يتخذ الطرفان التزامات حازمة وربما مرفقة بأرقام. وسيؤدي التوصل الى اتفاق الى إنعاش الاقتصاد الايراني، خصوصا لدى رفع الحظر الغربي على النفط. وسيمهد ايضا لتطبيع العلاقات بين ايران والغرب وحتى للتعاون حول العراق وسورية. لكن تمديد المفاوضات قد يصب لصالح من يعارضون تجاوز الأزمة سواء في الغرب أو إيران. ويؤيد نواب اميركيون فرض مجموعة جديدة من العقوبات على طهران. وابتداء من يناير، سيسيطر المعارضون الجمهوريون لباراك أوباما على الكونغرس، ما يسمح لهم بتضييق هامش المناورة لدى الرئيس الديموقراطي. والفشل في فيينا سيضعف ايضاً الرئيس الايراني حسن روحاني الذي يرهن قسماً كبيراً من مصداقيته على نجاح هذا الانفتاح على القوى الكبرى.